قد وُلّي بلنسية ثم قرطبة، وغرناطة أيام يوسف، ثم وُلّي قرطبة قبيل وفاته ببضعة أعوام من قبل علي بن يوسف.
وأما سير بن أبى بكر، فقد كان أيضاً من أعظم زعماء لمتونة وقادتها، وقد ظهر بنوع خاص بشجاعته وبراعته العسكرية الفائقة في موقعة الزلاّقة (479 هـ).
ولما جاز أمير المسلمين يوسف بن تاشفين جوازه الثالث إلى شبه الجزيرة في سنة 483 هـ، وبدأ افتتاح دول الطوائف بالاستيلاء على غرناطة، فوض عند عودته إلى المغرب بشئون الأندلس إلى الأمير سير، وعهد إليه بافتتاح ممالك الغرب الأندلسية، فافتتح سير مملكة إشبيلية من أيدي بني عباد (484 هـ)، ثم افتتح مملكة بطليوس من أيدي بني الأفطس (488 هـ)، في الظروف والمناظر العنيفة المروعة، التي فصلناها في كتابنا " دول الطوائف ". وكانت آخر الغزوات العظيمة التي قام بها سير، هي افتتاحه لقواعد الغرب من يابرة حتى أشبونة سنة 504 هـ هـ (1111 م) حسبما تقدم من قبل.
ويجب أن نلاحظ أنه كان من أسباب نشاط الغزوات المرابطية في تلك الفترة، وإقدامها على مهاجمة طليطلة عاصمة قشتالة ومحاصرتها غير مرة، ما وقع في اسبانيا النصرانية عقب وفاة ألفونسو السادس دون وارث (1109 م)، وقيام ابنته أورّاكا في العرش، من حروب أهلية حول السلطان بين أوراكا وزوجها ألفونسو الأول ملك أراجون من جهة، وبينها وبين أشراف جلِّيقية أنصار ولدها ألفونسو ريمونديس من جهة أخرى، وضعف الجبهة الدفاعية النصرانية بذلك، وعجزها عن القيام بغزوات كبيرة في أراضي المسلمين، وخصوصاً بعد مصرع ألبار هانس قائد قشتالة الكبير في إحدى هذه المعارك الأهلية، وقد كان هذا القائد الشهير زميل السيد الكمبيادور ومعاونه، من أعظم قادة اسبانيا النصرانية في هذا العصر.
- 3 -
وشملت موجة الغزو المرابطي شرقي الأندلس كذلك. ونحن نعرف أن المرابطين بقيادة أبى عبد الله محمد بن الحاج والي بلنسية، قد استولوا على سرقسطة من أيدي بني هود في أواخر سنة 503 هـ (1110 م) حسبما سبق أن فصلناه من قبل في تاريخ مملكة سرقسطة. وكان يوسف بن تاشفين قد أوصى ولده علياً