قرطبة سوى أشهر قلائل، ثم خرج في عسكره ليرد القوات القشتالية التي اقتربت من أراضي ولاية قرطبة، ونشب بين الفريقين قتال عنيف سقط فيه محمد بن مزدلي وعدد كبير من زعماء لمتونة منهم الأمير محمد بن الحاج، والأمير أبو إسحق ابن دانية، والأمير أبو بكر بن واسينو، وجملة وافرة من الحشم وأهل الأندلس، وذلك في مستهل صفر سنة 509 هـ (27 يونيه 1115 م). ولما وصل خبر هذه النكبة إلى أمير المسلمين علي بن يوسف، بادر فندب لولاية قرطبة ابن عمه الأمير أبا بكر يحيى بن تاشفين، فقدم إليها على عجل، وما كاد يستقر بها حتى حشد قواته، وسار في أثر القشتاليين صوب بياسة، ولحق به عبد الله بن مزدلي صاحب غرناطة في قواته ونشبت بين المرابطين والنصارى معركة جديدة، هزم فيها المرابطون مرة أخرى، وقتل منهم عدد جم، وذلك في اليوم الثامن والعشرين من جمادى الثانية سنة 509 هـ (أواخر أكتوبر 1115 م) (?).
وكان الأمير سير بن أبى بكر اللمتوني والي إشبيلية، والقائد العام للجيوش المرابطية في إسبانيا قد توفي قبيل وفاة الأمير مزدلي بقليل في جمادى الأول في سنة 507 هـ (1114 م)، فعين مكانه لولاية إشبيلية محمد بن فاطمة فلبث على ولايتها حتى توفي سنة 515 هـ (1121 م). وهكذا فقد المرابطون في شبه الجزيرة بوفاة مزدلي، وسير بن أبى بكر، قائدين من أعظم قواد لمتونة وألمعهم.
وقد كان مزدلي، وهو مزدلي بن تيولتكان بن الحسن بن محمد بن ترقوت (تُرجوت)، من أركان الدولة اللمتونية والعصبة الصنهاجية، وكان من أقارب يوسف بن تاشفين لالتقائهما في ترقوت. ويصفه ابن الخطيب بأنه كان "بطلا ثبتاً، بهمة من البهم، بعيد الصيت، عظيم الجلد، أصيل الرأي، مستحكم الحنكة، طال عمره، وحمدت مواقفه، وبعدت غاراته، وعظمت في العدو وقائعه " (?) وقد كان من أعظم أعمال مزدلي استرجاعه لمدينة بلنسية من أيدي جنود السيد الكمبيادور بعد وفاته وجنود قشتالة، وذلك في سنة 495 هـ (1102 م). وكان