المغربية الكبرى، المرابطية، ثم الموحدية. بيد أن حكم المرابطين، ثم الموحدين لولاية الأندلس، والظروف العسكرية، والإدارية، والاجتماعية، التي أحاطت بحكم كل من هاتين الدولتين العظيمتين للأمة الأندلسية، لا يمكن أن تفهم إلا على ضوء التفاصيل الكاملة لحكم كل منهما للامبراطورية المغربية الكبرى. ومن ثم فقد كان لزاماً عليّ أن أكتب تاريخ عصر المرابطين والموحدين بالمغرب كاملا، بالرغم مما يحيق بهذه المهمة من صعاب لا نهاية لها، سواء من الناحية الجغرافية أو القبلية، أو ناحية الاستيعاب التاريخي. وإني لأرجو أن أكون قد وفقت إلى بعض ما طمحت إليه، من عرض تاريخ هذه الفترة الهامة من تاريخ الإمبراطورية المغربية الكبرى، في صورته الحقيقية الكاملة.
هذا مع العلم بأني قد استعرضت في كتابي " دول الطوائف "، وهو الذي يتناول العصر الثاني من كتاب " دولة الإسلام في الأندلس " نشأة المرابطين، وفتوحهم في المغرب، وقيام الدولة المرابطية الكبرى، على يد عاهلها العظيم يوسف بن تاشفين، ثم عبور المرابطين إلى الأندلس، لإنجاد أمراء الطوائف في موقعة الزلاّقة، وما تلا ذلك من فتح المرابطين لدول الطوائف، واستيلائهم على شبه الجزيرة الأندلسية، ومن ثم فإني لم أجد موضعاً لتكرار ما سبق أن كتبت في هذا الشأن. ولهذا فقد بدأت كتابي هذا، بالتحدث عن خاتمة عهد يوسف بن تاشفين.
وقد رأيت أن أستعرض في فصل خاص، أهم المصادر المخطوطة وغير المخطوطة، التي كانت قبل غيرها، عمادي في البحث والدرس. ومن المحقق أن هذه المصادر، بالرغم مما تقدمه إلينا أحياناً من مواد أصيلة ومعاصرة، لا شك في أهميتها ونفاستها، لا تقدم إلينا سوى القليل، ولا تعالج إلا بعض نواحي المسائل الكبرى، التي يعرضها لنا تاريخ الدولتين المرابطية والموحدية، بيد أنها من جهة أخرى تلقى أضواء كثيرة على النواحي السياسية والإدارية لحكم المرابطين والموحدين، ولاسيما لشبه جزيرة الأندلس، فقد كانت لكل من الدولتين في حكم الأندلس، أوضاع ومبادىء خاصة.
وأود أن أشير هنا إلى أني قد جريت في كتابة تاريخ عصر المرابطين،
والموحدين، وهو العصر الثالث من كتاب " دولة الإسلام في الأندلس " - على نفس الأسلوب الذي جريت عليه في كتابة العصرين الأول والثاني، ثم الرابع