وقوة الذاكرة، وقد عاش بدانية في كنف أميرها العالم مجاهد العامري، وانقطع إليه، ولما توفي مجاهد، توجس من ولده على إقبال الدولة، فغادر دانية إلى بعض الأنحاء المجاورة. واشتهر ابن سيده بكتابه " المحكم " وهو قاموس لغوي ضخم، وكتاب " السمار ".

وكان من كتاب الموسوعات أيضاً العلامة اللغوي الجغرافي أبو عبيد البكري الذي سبق ذكره. وقد اشتهر بمعجمه اللغوي الجغرافي المسمى " معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع "، وهو مؤلف انتفع به الملك ألفونسو العالم في تاريخه العام له Cronica General

ويخص العلامة الأستاذ مننديث بيدال كتابي " الفصل " لابن حزم و " المحكم " لابن سيده بالذكر، وينوه بنفاستهما، ويقول: " إن النضوج العقلي اللازم لإخراج كتاب في تاريخ الأديان، أو قاموس للفكر المتشابهة، على مثل النمط الذي كتبت به هذه المصنفات الإسبانية الإسلامية، لم تصل إليه أوربا حتى القرن التاسع عشر " (?).

ومن أولئك العلماء الممتازين أيضاً العلامة ابن عبد البر، وهو أبو عمر يوسف ابن عبد الله النميري القرطبي، ولد سنة 368 هـ (978 م)، وقضى شطراً من حياته في دانية وبلنسية وشاطبة، ثم لحق أخيراً ببلاط بني الأفطس ببطليوس وعينه المظفر بن الأفطس قاضياً لأشبونة، ثم شنترين، وتوفي في سنة 463 هـ (1071 م). وكان من أوفر كتاب عصره علماً ومعرفة، وأشهر مؤلفاته كتاب " بهجة المجالس وأنس المُجالس " ويمتاز شعره بالرصانة والأنفة. وقد خدم ولده أبو محمد عبد الله بن عبد البر في بلاط بني عباد، حسبما تقدم ذكره في موضعه (?).

ويمكننا أن نذكر ضمن هذا الثبت من العلماء الأعلام، أميرين من أمراء الطوائف، هما مجاهد العامري صاحب دانية، وأبو عبد الرحمن محمد بن أحمد ابن طاهر صاحب مرسية. وكان مجاهد من أكابر علماء عصره في اللغة وعلوم القرآن، وكان بلاطه مجمعاً لطائفة من أشهر علماء العصر، وفي مقدمتهم ابن عبد البر، وابن سيده وذلك حسبما تقدم ذكره. وكان أبو عبد الرحمن بن طاهر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015