وعن منازل أسرته وعن خطط قرطبة المعاصرة. وكتب بعد ذلك عشرات من الكتب والرسائل في مختلف الموضوعات الفقهية والفلسفية والتاريخية. منها كتاب " الإحكام لأصول الأحكام "، وكتاب في الإجماع ومسائله على أبواب الفقه، وكتاب في مراتب العلوم، وكتاب إظهار تبديل اليهود والنصارى للتوراة والإنجيل، ومنها كتاب " جوامع السيرة "، وهو عرض لسيرة الرسول وغزواته وذكر أصحابه، ومن روى عنه، وذكر نبذ من فتوح الإسلام بعد الرسول، و " جمهرة أنساب العرب " وهو وثيقة جامعة لأصول القبائل العربية وأنسابها، ومن نزل منها بالأندلس، و " نقط العروس " وهو يتضمن سلسلة من النوادر والحوادث، والمقارنات والنظائر التاريخية الفريدة. وإذا كان ابن حزم يصف لنا التاريخ بأنه " علم الأخبار "، ويعتبر علم النسب جزءاً من علم الخبر، فإنه يحق لنا بعد الذي تقدم من ذكر كتبه، أن نعتبره مؤرخاً بكل معاني الكلمة. على أن ابن حزم لم يكن مع ذلك مؤرخاً عادياً، بل كان بالعكس مؤرخاً من طراز خاص، بل ومن طراز نادر، من طراز أولئك المؤرخين الذين تعتبر كلماتهم، عن حوادث عصرهم وشخصياته، أحكاماً لا تقبل الجدل. وقد عاش ابن حزم في عصر فياض بالاضطرابات والأحداث المثيرة، هو عصر انحلال الخلافة الأندلسية، وقيام دول الطوائف، وشهد الكثير من أحوال هذا العصر وتقلباته، ومن تصرفات أمراء الطوائف، ومثالبهم، وبغيهم، واستهتارهم، وهزت هذه الأحداث مشاعره إلى الأعماق، ومن ثم كانت أقواله وأحكامه الصادقة التي أصدرها في حق الطوائف، والتي نقلناها فيما تقدم. بيد أن ابن حزم يشتهر بنوع خاص سواء في الشرق أو في الغرب، بكتابه الجامع " الفصل في الملل والأهواء والنحل ".

ويشيد البحث الحديث بابن حزم، وروعة علمه وتفكيره، ويخصص له العلامة الإسباني آسين بلاثيوس كتاباً يتناول فيه حياته وكتابه " الفصل " ويعتبره " مفكراً وعالماً لاهوتياً، ومؤرخاً ناقداً للأديان والمدارس الفلسفية الدينية " (?).

ويعتبره الأستاذ نكل " أديباً وشاعراً وفقيهاً، ومؤرخاً سياسياً وعالماً أخلاقياً " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015