بالأخص رفيع الدولة، وكان أشعرهم جميعاً (?). ويجب ألا ننسى أن العلامة اللغوي والجغرافي الكبير، أبو عبيد البكري قد عاش حيناً في ألمرية، تحت كنف المعتصم ورعايته، ووضع في ظل هذه الرعاية موسوعته الجغرافية الشهيرة وبعض كتبه الأخرى. وهو أبو عبيد عبد الله بن أبي مصعب عبد العزيز بن أبي زيد محمد ابن أيوب بن عمرو البكري. وهو سليل أسرة من الأمراء حكمت ولبة، وجزيرة شلطيش حيناً، واستمرت رياسة أبيه بها حتى سنة 443 هـ، حينما أجلاه عنها المعتضد بن عباد. ودرس أبو عبيد على ابن حيان، والحافظ ابن عبد البر، وأبى العباس العذري وغيرهم من أقطاب العصر. وله عدة مؤلفات قيمة في مقدمتها موسوعته الجغرافية المسماة المسالك والممالك، وكتاب معجم ما استعجم، وهو قاموس لغوي جغرافي، وكتاب اللآلىء في شرح أمالي القالي، وكتاب أعلام نبوة نبينا محمد. وكان البكري من أقطاب الأدب في عصره، وكان آية في التبحر واللغة ومن أساتذة الأنساب والأخبار، وأهل الضبط. وتوفي البحري في سنة 487 هـ (?) وقال ابن الأبار: " وكان أبو عبيد البكري من مفاخر الأندلس، وهو أحد الرؤساء الأعلام، وتواليفه قلائد في أجياد الأيام " (?).

بيد أنه مما تجب ملاحظته أن هذه الرعاية لدولة الشعر والأدب، لم تبلغ في القصور البربرية مبلغاً كبيراً، فلم تزدهر النهضة الأدبية في ظل بني ذى النون بطليطلة ولم تجتمع في بلاطهم سوى قلة من الأدباء والشعراء، وإن كان قد نبغ في ظلهم بعض العلماء البارزين في الفلك والزراعة. وكذلك لم تشهد غرناطة في ظل بني مناد البربر أية نهضة أدبية ذات شأن.

أما قصور الطوائف في شرقي الأندلس، وفي سرقسطة، فكان لها شأن خاص في رعاية الحركة الأدبية والشعرية بوجه عام. وكان بلاط سرقسطة، شأنه شأن بقية قصور الطوائف يسبغ رعايته على عدد من أكابر الشعراء والكتاب، وكان في مقدمة هؤلاء، أبو عمر أحمد بن محمد درّاج القسطلي، وهو من أبرز شعراء عهد انهيار الخلافة وبداية عهد الطوائف. ولد بقسطلة الغرب سنة 347 هـ من أصل بربري وتوفي سنة 421 هـ، وكان في شبابه من كتاب المنصور بن أبي عامر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015