ويستوي أن يكون الاستسلام أو الرفض باللسان أو بالفعل دون القول.

فما يملك إنسان أن يدعي أن شريعة أحد من البشر تفضل أو تماثل شريعة الله، في أية حالة أو في أي طور من أطوار الجماعة الإنسانية .. ثم يدعي ـ بعد ذلك ـ أنه مؤمن بالله، وأنه من المسلمين .. إنه يدعي أنه أعلم من الله بحال الناس؛ وأحكم من الله في تدبير أمرهم. أو يدعي أن أحوالًا وحاجات جرت في حياة الناس، وكان الله - عز وجل - غير عالم بها وهو يشرع شريعته؛ أو كان عالمًا بها ولكنه لم يشرع لها! ولا تستقيم مع هذا الادعاء دعوى الإيمان والإسلام. مهما قالها باللسان!

إن شريعة الله تمثل منهجًا شاملًا متكاملًا للحياة البشرية؛ يتناول بالتنظيم والتوجيه والتطوير كل جوانب الحياة الإنسانية؛ في جميع حالاتها، وفي كل صورها وأشكالها.

وهو منهج قائم على العلم المطلق بحقيقة الكائن الإنساني، والحاجات الإنسانية، وبحقيقة الكون الذي يعيش فيه الإنسان؛ وبطبيعة النواميس التي تحكمه وتحكم الكينونة الإنسانية.

وهو منهج قائم على العدل المطلق .. أولًا .. لأن الله يعلم حق العلم بم يتحقق العدل المطلق وكيف يتحقق .. وثانيًا .. لأنه ـ سبحانه ـ رب الجميع؛ فهو الذي يملك أن يعدل بين الجميع؛ وأن يجيء منهجه وشرعه مبرأ من الهوى والميل والضعف.

كما أنه مُبَرَّأ من الجهل والقصور والغلو والتفريط، الأمر الذي لا يمكن أن يتوافر في أي منهج أو في أي شرع من صنع الإنسان، ذي الشهوات والميول، والضعف والهوى ـ فوق ما به من الجهل والقصور ـ سواء كان المشَرِّع فردًا، أو طبقة، أو أمة، أو جيلًا من أجيال البشر .. فلكل حالة من هذه الحالات أهواؤها وشهواتها وميولها ورغباتها؛ فوق أن لها جهلها وقصورها وعجزها عن الرؤية الكاملة لجوانب الأمر كله حتى في الحالة الواحدة في الجيل الواحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015