السؤال: أيكون الحكم والشريعة والتقاضي حسب مواثيق الله وعقوده وشرائعه التي كتبها على الرسل، وعلى من يتولون الأمر بعدهم ليسيروا على هداهم؟ أم يكون ذلك كله للأهواء المتقلبة، والمصالح التي لا ترجع إلى أصل ثابت من شرع الله، والعرف الذي يصطلح عليه جيل أو أجيال؟
وبتعبير آخر: أتكون الألوهية والربوبية والقوامة لله في الأرض وفي حياة الناس؟ أم تكون كلها أو بعضها لأحد من خلقه يشرع للناس ما لم يأذن به الله؟
الله - عز وجل - يقول: إنه هو الله لا إله إلا هو. وإن شرائعه التي سنَّها للناس بمقتضى ألوهيته لهم وعبوديتهم له، وعاهدهم عليها وعلى القيام بها ـ هي التي يجب أن تحكم هذه الأرض، وهي التي يجب أن يتحاكم إليها الناس وهي التي يجب أن يقضي بها الأنبياء ومن بعدهم من الحكام.
إنه لا هوادة في هذا الأمر، ولا ترخص في شيء منه، ولا انحراف عن جانب ولو صغير. وإنه لا عبرة بما تواضع عليه جيل، أو لما اصطلح عليه قبيل، مما لم يأذن به الله في قليل ولا كثير!
إن المسألة مسألة إيمان أو كفر؛ أو إسلام أو جاهلية؛ وشرع أو هوى.
وليس لأحد من عباده أن يقول: إنني أرفض شريعة الله، أو إنني أبْصَرُ بمصلحة الخلق من الله. فإن قالها ـ بلسانه أو بفعله ـ فقد خرج من نطاق الإيمان.
إن الاعتبار الأول في هذه القضية هو أنها قضية الإقرار بألوهية الله وربوبيته وقوامته على البشر ـ بلا شريك ـ أو رفض هذا الإقرار .. ومن هنا هي قضية كفر أو إيمان، وجاهلية أو إسلام.
ومعنى الاستسلام لشريعة الله هو ـ قبل كل شيء ـ الاعتراف بألوهيته وربوبيته وقوامته وسلطانه. ومعنى عدم الاستسلام لهذه الشريعة، واتخاذ شريعة غيرها في أية جزئية من جزئيات الحياة، هو ـ قبل كل شيء ـ رفض الاعتراف بألوهية الله وربوبيته وقوامته وسلطانه.