عظيم. إنها خطبةُ الوداع التي تعرِض للأمة أعلى القيَم، وتمدّها بمقوّمات الخير والصّلاح لبناء الحاضِر والمستقبل، وتعطيها أُسُسَ الفلاح ومبادئَ النّجاح.

إخوةَ الإسلام، خطبةُ الوداع جاءت تذكِّر الأمّة في كلِّ حين بأسباب الحياةِ المثلى، وتبصِّرها بسُبل الوقاية من الشرور والفتَن، وهو تحقيقُ منهج الإسلام في هذه الحياة عقيدةً وشريعة، حُكمًا وتحاكمًا، عملًا وسُلوكًا.

• مبدأ حفظ الدماء والأموال والأعراض:

أمّةَ الإسلام، وفي مضامين هذه الوثيقةِ أصلٌ مهمّ تقوم عليه سعادة الناس، وتصلح به حياتهم، إنه مبدأ حفظِ النفوس والأموال والأعراض، يقول - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذه الخطبة: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ. قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ. قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ، اللهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ» (رواه البخاري ومسلم).

إنها المقاصد العامّة والمصالح الكلّية التي جاءت الشريعةُ برعايتها والحفاظِ عليها وبناء الأحكام على وفقها وجعلها غايةً مستقرّة في تشريعاتها، ممّا حدَا بأحدِ المستشرقين أن يقول: «لو طبّق المسلمون تعاليمَ دينهم وحرصوا عليها عملًا فإنّ دُورَ الشرطةِ والمحاكم والسجون ستُغلق؛ لأنه لن يبقَ لها عملٌ، وبذلك يوجد المجتمع المسلم الذي رسم الإسلام معالمَه».

خطابٌ عالميّ يصدُر من سيّد العالمين محمّد - صلى الله عليه وآله وسلم -، يتضمّن محاربةَ كلِّ تصرّفٍ يترتّب عليه ترويعُ الآمنين وإخافة المسلمين. خطابٌ يتضمّن في مشمول معانيه الحرصَ التامَّ من دين الإسلام على حفظ النفوس أن تهدَر والأموال أن تضيّع والأعراض أن تنتهَك.

إنه خطابٌ كالسّيف ضدّ كلِّ تهمةٍ تُوجَّه للإسلام بأنه دينُ إرهابٍ وإرعاب، فأين المنصفون؟! وأين المتبصِّرون؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015