في هذه الأجواء يغمر قلب المتأمل، شعورٌ كريمٌ فياضٌ، بانتماء أفراد هذه الأمة إلى هدفٍ واحدٍ وغايةٍ واحدةٍ، إنها أمة محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، دينها دين الإسلام دين الله رب العالمين.
ما أحوج الأمة في أيام محنتها وشدائدها، وأيام ضعفها وتيهها، إلى دروسٍ من تاريخها تتأملها، وإلى وقفاتٍ عند مناسباتها، تستلهم منها العبر، ويتجدد فيها العزم على الجهاد الحق، ويصح فيها التوجه على محاربة كل بغي وفساد.
ما أحوجها إلى دروس تستعيد فيها كرامتها، وتردُّ على من يريد القضاء على كيانها.
وإن في حجة نبيكم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - الوداعية التوديعية لعبرًا ومواعظ، وإن في خطبها لدروسًا جوامع.
فلقد خطب - صلى الله عليه وآله وسلم - خطبًا في موقف عرفة، ويوم الحج الأكبر وأيام التشريق ـ أرسى فيها قواعد الإسلام، وهدم مبادئ الجاهلية، وعظَّم حرمات المسلمين.
خطب - صلى الله عليه وآله وسلم - الناس وودعهم، بعد أن استقرَّ التشريع، وكمل الدين، وتمت النعمة، ورضي الله هذا الإسلام دينًا للإنسانية كلها، لا يقبل من أحدٍ دينًا سواه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (المائدة:3). {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران:85).
• خطابٌ عالميّ من سيّد العالمين محمّد - صلى الله عليه وآله وسلم -:
ألقى نبيكم محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذا المقام العظيم كلماتٍ جامعةً موجزةً، تحكي المبادئ الكبرى لهذا الدين.
أحبتِي عادَ ذهنِي إلى زمنٍ ... مُعَظَّمٍ في سُويْدَا القلبِ مُستَطِرِ
كأنني برسولِ اللهِ مرتديًا ... ملابسَ الطهرِ بين الناسِ كالقمرِ
نورٌ وعن جانِبَيْهِ مِن صحابتِه فَيالقُ وألوفُ الناسِ بالأثَرِ