صحبة الصالحين:
وصحبة الصالحين هي سعادة هذه الدنيا بل ومن سعادة الآخرة؛ فالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول في آخر كلماته في هذه الدنيا: «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى»، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَذْهِبْ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا».
فَلَمَّا مَرِضَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَثَقُلَ أَخَذْتُ بِيَدِهِ لِأَصْنَعَ بِهِ نَحْوَ مَا كَانَ يَصْنَعُ فَانْتَزَعَ يَدَهُ مِنْ يَدِي، ثُمَّ قَالَ، «اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَاجْعَلْنِي مَعَ الرَّفِيقِ الْأَعْلَى»، قَالَتْ: فَذَهَبْتُ أَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ قَدْ قَضَى» (رواه مسلم).
وإبراهيم - عليه السلام - يقول {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَالْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (الشعراء:83) دعا - عليه السلام - ربه فقال: {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا} أي: علمًا كثيرًا، أعرِفُ به الأحكام، والحلال والحرام، وأحكُمُ به بين الأنام، {وَالْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} من إخوانه الأنبياء والمرسلين. يقولها إبراهيم النبي الكريم الأواه الحليم. فيا للتواضع! ويا للتحرج! ويا للإشفاق من التقصير! ويا للخوف من تقلب القلوب! ويا للحرص على مجرد اللحاق بالصالحين! بتوفيق من ربه إلى العمل الصالح الذي يلحقه بالصالحين!
إن صحبة الصالحين سعادة وإن صحبة الكفار والفاسقين عقوبة والنظر في وجوههم شقاء وعذاب كما قالت أم جريج لجريج: «اللهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى وُجُوهِ الْمُومِسَاتِ» (رواه البخاري ومسلم). مع أنه ينظر لتبرئة نفسه، جريج اضطُر إلي النظر في وجه المومس لكي يبرئ نفسه من التهمة الباطلة التي اتهمته بها وهي الزنى ومع ذلك كان ذلك من دعوة أمه عليه.
فتخيل الذي يُصِرُّ علي صحبة الكذابين في وسائل الإعلام الفاسدة وعلي صفحات الجرائد والمجلات ويُصِرُّ علي صحبتهم علي شاشات التلفزيون والفيديو ويُصِرُّ علي صحبتهم علي شاشات السينما، ويُصِرُّ علي صحبتهم في القِصص السخيفة. مجرد النظر لهؤلاء فقط عذاب للإنسان الذي يحب صحبة الصالحين، أما الصالحون فهم