تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (النساء: 36).وَقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)} (الإسراء:23 - 24).
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: «يزيد البر بهما مع اللطف، ولين الجانب، فلا يغلظ لهما في الجواب، ولا يحدّ النظر إليهما، ولا يرفع صوته عليهما، بل يكون بين يديهما مثل العبد بين يدي السيد، تذللًا لهما».
وقال سعيد بن المسيب في قوله تعالى: {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}: «هو: قول العبد المذنب للسيد الفظ الغليظ».
ولا يمنع من برهما والإحسان إليهما كونهما غير مسلمين أو عاصيين، قال تعالى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} (لقمان: 15).
فأمر تعالى بمصاحبتهما بالمعروف مع كفرهما، بل ومع أمْرِهِما ولَدَهُما بالكفر بالله تعالى، وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنهما - قَالَتْ: «قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدَهُمْ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقُلْتُ: «يَا رَسُولَ اللهِ، قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟»، قَالَ: «نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ» (رواه البخاري ومسلم).
(رَاغِبَة) قِيلَ: مَعْنَاهُ رَاغِبَة عَنْ الْإِسْلَام وَكَارِهَة لَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ طَامِعَة فِيمَا أَعْطَيْتهَا. وَحَرِيصَة عَلَيْهِ. وَفِي الحديث: جَوَاز صِلَة الْقَرِيب الْمُشْرِك.
وحق الأم مقدم على حق الأب ويزيد عليه بأضعاف ثلاثة، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: «ثُمَّ مَنْ؟»، قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» (رواه البخاري ومسلم).