والتقصير في الطاعات والإسراع إلى المخالفات اهـ.
21917 - (وعن) أم المؤمنين (أم سلمة) هند بنت أبي أمية المخزومي (رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إنما أنا بشر) من الحصر الخاص الذي دلت عليه قرينة الحال، قال التوربشتي: وإنما ابتدأ الحديث بهذه الجملة تنبيهاً على أن السهو والنسيان غير مستبعد من الإنسان، وأن الوضع البشري يقتضي ألا يدرك من الأمور إلا ظواهرها. فإن قلت أو لم يكن النبيّ معصوماً في سائر أحواله؟ قلت: العصمة تتحقق فيما يعد عليه ذنباً ويقصده قصداً، أما ما نحن فيه مما يسمعه من الخصم فيتوهم صدقة فليس بداخل فيه، فإن الله تعالى لم يكلفه فيما لم ينزل عليه إلا ما كلف غيره وهو الاجتهاد في الإصابة قال: ويدل عليه ما روي في حديث أم سلمة أي من غير هذا «إنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل عليّ» (وإنكم تختصمون إليّ ولعل بعضكم أن) قال الطيبي زائدة تشبيهاً للعمل بعسى: أي لعله (يكون ألحن) أفعل تفضيل من لحن بالحاء المهملة كفرح إذا فطن بما لا يفطن به غيره: أي: أفصح أو أفطن (بحجته من بعض) فيزين كلامه بحيث أظنه صادقاً في دعواه (فأقضي له على نحو ما أسمع) .
قال الراغب: اللحن صرف الكلام عن سننه الجاري عليه إما بإزالة الإعراب والتصحيف وهو مذموم وذلك أكثر استعمالاً، وإما بإزالته عن التصريح وصرفه بمعناه إلى تعريض وفحوى وهو محمود، وإياه قصد الشاعر بقوله: وخير الحديث ما كان لحناً ومنه قوله تعالى: {ولتعرفنهم في لحن القول} (محمد: 30) ومنه قيل للفطن لما لا تقتضي فحوى الكلام لحن، ومنه الحديث ألحن بحجته: أي ألسن وأفصح وأبين كلاماً وأقدر على الحجة. قال العاقولي: وفي الحديث أنه يجوز عليه في أمور الأحكام ما يجوز على غيره: وأنه إنما يحكم بين الناس بالظاهر، وهذا لطف من الله تعالى ليستنّ الناس به ويبقوا في ستر من الفضيحة العظمى، إذ لو أطلع أحد على الغيب لم يحتج أحد إلى شاهد في دعواه ولظهر من كل مبطل ما قصده ونواه، وهذا إنما هو في الحكم المستند إلى الشهادة، أما الأحكام الشرعية فلا يقر على ما أمله أن يقع فيه الخطأ منها بخلاف الأوّل، لأنه لا يسمى خطأ إنما يسمى حكماً بالظواهر لم يوافق الباطن، وهو صحيح لكونه مبنياً على القاعدة