طريق بشر ابن سعيد عن أبي هريرة، ومن طريق أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود، ومن طريق معمر وسعيد عن قتادة، ومن طريق عن كعب الأحبار وزاد يستوون كلهم على منتهاه ثم ينادي منادٍ: أمسكي أصحابك ودعي أصحابي، فيخرج المؤمنون ندية أبدانهم. وقيل «الورود» هو الدخول بها. روى النسائي والحاكم من حديث جابر مرفوعاً: «الورود الدخول لا يبقى برّ ولا فاجر إلا دخلها، فتكون على المؤمنين برداً وسلاماً» . وروى الترمذي وابن أبي حاتم من حديث ابن مسعود موقوفاً قال: «يردونها أو يلجونها ثم يصدرون عنها بأعمالهم» . قال عبد الرحمن بن مهدي: قلت لشعبة إن إسرائيل يرفعه، قال: صدق وعمداً أدعه. ثم رواه الترمذي عن إسرائيل مرفوعاً. قال في «فتح الباري» : وهذان القولان أصح ما ورد في ذلك. ولا تنافي بينهما لأن من عبر بالدخول تجوز به عن المرور، ووجهه أن المارّ عليه فوق الصراط بمعنى من دخلها، لكن
تختلف أحوال المارين باختلاف أعمالهم، فأعلى درجة من يمرّ كملح البرق. ويؤيد الأول ما يراه مسلم من حديث أم مبشر أن حفصة قالت للنبي لما قال: لا يدخل أحد ممن شهد الحديبية النار، أليس الله تعالى يقول: {وإن منكم إلا واردها؟} فقال لها: أليس الله يقول: {ثم ننجي الذين اتقوا؟} (مريم: 72) الآية. وفي هذا بيان ضعف قول من قال: الورود مختص بالكفار، ومن قال معنى الورود الدنوّ منها، ومن قال معناه الإشراف عليها، ومن قال معناه ما يصيب المؤمن من الحمى في الدنيا، على أن هذا الأخير ليس ببعيد ولا ينافيه بقية الأحاديث اهـ.
3954 - (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت امرأة) أشار الحافظ في «الفتح» إليها أنها من نساء الأنصار (إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله ذهب الرجال بحديثك) أي منفردين به عن النساء (فاجعل لنا من نفسك يوماً) فيه تجريد أو في الكلام مضاف: أي من أوقات نفسك: أي الأوقات التي تجعلها لنفسك منفرداً فيها عنهم، فإنه يجزىء أوقاته ثلاثاً كما في «شمائل الترمذي» (نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله) الجملتان مستأنفتان بسبب طلبهن اليوم والمراد منه مطلق الوقت وفصلهما إيماء إلى استقلال كل منهما بالكفاية فيما طلبوا (قال: اجتمعن يوم كذا وكذا) عينه لهن ليستعددن له وليكن أشوق، فتكون