والتحلة مصدر حلل اليمين كفرها، يقال حللته تحليلاً وتحلة وتحللاً بغير هاء والثالثة شاذة. قال أهل اللغة يقال فعلته تحلة القسم: أي قدر ما حللت به يميني ولم أبالغ (متفق عليه وتحلة القسم) المذكور في الحديث (هو قول الله تعالى) : ( {وإن منكم إلا واردها} ) قال في «فتح الباري» : قال الكرماني: اختلف في المراد بهذا القسم، فقيل هو معين، وقيل غير معين، والجمهور على الأول، وقيل لم يعن به قسم معين وإنما معناه التقليل لأمر ورودها، وهذا اللفظ يستعمل في هذا القول يقال ما ينام فلان إلا تحلة الألية، وقيل الاستثناء بمعنى الواو: أي لا تمسه النار أصلاً ولا تحلة القسم، وجّز الفراء والأخفش مجىء إلا بمعنى الواو، والأول هو قول الجمهور، وبه جزم أبو عبيد وغيره وقالوا: المراد به قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} (مريم: 71) قال الخطابي: معناه لا يدخل النار ليعاقب بها، ولكنه يدخل مجتازاً ويكون ذلك الجواز بقدر ما يحلل الرجل به يمينه، ويدل لذلك ما وقع عند عبد الرزاق عن معمر عن الزهري في آخر الحديث «إلا تحلة القسم» يعني الورود، وفي سنن سعد بن منصور عن سفين بن عيينة، ثم قرأ سفيان {وإن منكم إلا واردها} ومن طريق زمعة بنت صالح عن الزهري في آخره «قيل وما تحلة القسم؟ قال قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها} » وكذا حكاه عبد الملك بن حبيب عن
مالك في تفسير هذا الحديث، وجاء عند الطبراني من حديث عبد الرحمن بن بشير الأنصاري مرفوعاً «من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث لم يرد النار إلا عابر سبيل» يعني الجواز على الصراط. واختلف في موضع القسم من الآية، فقيل هو مقدر: أي والله إن منكم إلا واردها، وقيل معطوف على القسم الماضي في قوله تعالى:
{فوربك لنحشرنهم} (مريم: 68) وقيل مستفاد من قوله: {حتماً مقتضياً} أي قسماً واجباً كذا رواه الطبراني وغيره، وقال الطيبي: يحتمل أن المراد بالقسم ما دل على القطع والبت من السياق، فإن قوله: {كان على ربك حتماً مقتضياً} تذييل وتقرير لقوله: {وإن منكم إلا واردها} فهو بمنزلة القسم بل أبلغ لمجىء الاستثناء بالنفي والإثبات. واختلف في المراد بالورود في الآية، فقال المصنف (والورود هو العبور على الصراط، وهو) أي الصراط (جسر) بكسر الجيم وسكون المهملة أي ممر (منصوب على ظهر جهنم، عافانا الله منها) وهذا القول رواه الطبراني وغيره من