كان رحمه الله تعالى عالما بكتاب الله تعالى قراءة وتفسيرا، وبحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان إذا قرئ عليه صحيح البخاري ومسلم والموطأ، تصحح النسخ من حفظه، ويملي النكت على المواضع المحتاج إليها، وكان أوحد أهل زمانه في علم النحو واللغة، عالما بعلم الرؤيا، قرأ القرآن العظيم بالروايات على أبي عبد الله محمد بن علي أبي العاصي النفزي بالزاي المعجمة، وعلي أبي الحسن علي بن عبد الرحيم وغيرهما، وانتفع به خلق كثير، وكان يتجنب فضول الكلام، ولا ينطق في سائر أوقاته، إلا بما تدعوا إليه الضرورة، ولا يجلس للإقراء إلا على طهارة، وهيئة حسنة، وتخشع، وكانت ولادته في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة للهجرة، ودخل مصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وكان يقول: عند دخول إليها أنه يحفظ وقر بعير في العلوم، وتوفي بمصر يوم الأحد بعد صلاة العصر، الثاني والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة، ودفن بالقرافة الصغرى في تربة القاضي الفاضل، وفيرة بكسر الفاء سكونم الياء المثناة من تحت، وتشديد الراء وضمها، وهو بلغة أعاجم الأندلس، ومعناه بالعربي الحديد والرعيني نسبة إلى قبيلة من قبائل المغرب.
والشاطبي نسبة إلى شاطبة مدينة كبيرة بالأندلس خرج منها جماعة من العلماء.
ثم قال:
وذكر الشيخ أبو داود* ... رسما بتنزيل له مزيدا