وقال: غيره، لم يكن في عصره آخر يضاهيه في حفظه، وتحقيقه وكان يقول: ما رأيت شيئا قط إلا كتبته، ولا كتبته إلا حفظته، ولا حفظته فنسيته، وكان يسأل عن المسألة مما يتعلق بالآثار، وكلام العلماء فيوردها بجميع ما فيها مسندة من شيوخه إلى قائلها، ومولده سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة، وابتدأ طلب العلم وهو ابن أربع عشرة سنة، وتوفي بدانية يوم الاثنين في النصف من شوال سنة أربع وأربعين وأربعمائة، ودفن بعد صلاة العصر، وخرج لجنازته كل من بدانية، ولم يبلغ نعشه إلى قبره إلا قرب المغرب لكثرة ازدحام الناس عليه، مع قرب المسافة بين داره وقبره جدا، ولو كانت بعيدة ما دفن تلك الليلة، ومشى السلطان ابن مجاهد على رجله أمام النعش وهو يقول: لا طاعة إلا طاعة الله لما شاهد من كثرة الخلق، وازدحام الناس، وختم الناس عليه القرآن تلك الليلة، واليوم الذي يليها أكثر من ثلاثين ختمة، وبات الناس على قبره أكثر من شهرين، نفعنا الله به.

والألف في قول الناظم كتبا في الشطر الأول من التنوين، وفي الشطر الثاني للإطلاق وكتبا الأول: جمع كتاب، وكتبا الثاني فعل ماض مبني للنائب.

ثم قال:

والشاطبي جاء في العقيلة ... به وزاد أحرفا قليله

أخبر أن الإمام الشاطبي جاء به، أي: بالمقنع، يعني ذكر جميع مسائل كتاب المقنع في نظمه المسمى "بعقيلة أتراب القصائد في أسنى المقاصد"، وزاد عليه أحرفًا، أي كلمات قليلة، وجملتها ست كلمات.

والشاطبي هو الشيخ الإمام المقري، أبو محمد قاسم بن فيرة أبي القاسم خلف بن أحمد الرعيني الشاطبي الضرير صابح القصيدة التي سماها "حرز الأماني ووجه التهاني"1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015