أتى الناظم بما ذكره هنا تمثيلا لما أبدل حرفا محركا وزيادة، وفي البيان إذ هو مندرج في قوله: "أو بالبدل إذا تحرك" كما قررناه قبل، ولما كان المبدل حرفا محركا يتنوع إلى ما وافقت صورته تلاوته، وإلى ما خالفت صورته تلاوته، مثل لكلا النوعين، فمثل للنوع الأول بـ {مُؤَجَّلًا} 1، وببابه عند من أبدله وأراد بابه نحو: {مُؤَذِّنٌ} 2، و {لَيْلًا} 3، ومثل للنوع بـ {لِأَهَبَ} 4 إذ صورة همزة في الرسم ألف، وهي مخالفة للياء عند من قرأ بها، ومثل بـ {لِأَهَبَ} 5، نحو {يَا سَمَاءُ أَقْلِعِي} 6 ومن: {وِعَاءِ أَخِيهِ} 7 ونحو {يَشَاءُ إِلَى} 8، و {هَؤُلاءِ إِنْ} 9 عند من أبدل الثانية ياء إذ كلها لا توافق صورة الهمز فيها التلاوة. فقول الناظم: "وهكذا بألف من لأهب" يعني وبابه أيضا، وما ذكره في: {لِأَهَبَ} 10 من جعل نقطة حمراء على الألف دلالة على الإبدال هو الذي يؤخذ من كلام الداني، وصرح به بعض الأئمة، وهو مذكور في بعض نسخ ذيل "التنزيل"، وعمل به في بعض البلاد، واقتصر أبو داود حسبما هو في عدة نسخ من الذيل على جعل ياء بالحمراء على الألف بناء على أن الياء عند من قرأ بها مبدلة من الهمز، وهذا الوجه الذي اقتصر عليه أبو داود هو الذي اختاره اللبيب، وبه جرى العمل عندنا بتونس، وهو الذي يجري مع كون الياء: {لِأَهَبَ} 11 حرف مضارعة، وقد ذكر اللبيب أوجها أخرى في {لِأَهَبَ} 12 لم يصحبها عمل لضعفها، وقول الناظم في "مؤجلا" و"من فوقه" يتعلقان بـ"تجعل" محذوفا، ويقدر مثله في البيت الثاني للتعلق به مجروراته، ثم قال:
والحكم في أخراهما كاحكم ... من بعد كسر وردت أو ضم
ذكر في هذا البيب حكم الهمزة الثانية من الهمزتين المجتمعين في كلمتين إذا أبدلت الثانية حرفا محركًا، فأخبر أن الحكم في أخراهما أي الهمزة الثانية كالحكم السابق في: {مُؤَجَّلًا} 13، و {لِأَهَبَ} 14 من جعل نقطة حمراء في موضع الهمزة المبدلة، وذلك إذا وقعت الهمزة الثانية من بعد كسر، أو ضم في الهمزة الأولى، فمثالها بعد الكسر