عظيم المزيّة، وباهر الفضل، والعجيب من الرّصف، حتى أعجز الخلق قاطبة، وحتى قهر من البلغاء والفصحاء القوى (?) والقدر (?)، وقيّد الخواطر والفكر، حتى خرست الشّقاشق (?)، وعدم نطق الناطق، وحتى لم يجر لسان، ولم يبن بيان، ولم يساعد إمكان، ولم ينقدح لأحد منهم زند، ولم يمض له حدّ، وحتى أسال الوادي عليهم عجزا، وأخذ منافذ القول عليهم أخذا؟ أيلزمنا أن نجيب هذا الخصم عن سؤاله، ونردّه عن ضلاله، وأن نطبّ لدائه، ونزيل الفساد عن رائه (?)؟ فإن كان ذلك يلزمنا، فينبغي لكل ذي دين وعقل أن ينظر في الكتاب الذي وضعناه (?)، ويستقصي التأمّل لما أودعناه، فإن علم أنه الطريق إلى البيان، والكشف عن الحجة والبرهان، تبع الحقّ وأخذ به، وإن رأى له طريقا غيره أومأ لنا إليه، ودلّنا عليه، وهيهات ذلك! وهذه أبيات في مثل ذلك:
إنّي أقول مقالا لست أخفيه ... ولست أرهب خصما، إن بدا، فيه
ما من سبيل إلى إثبات معجزة ... في النّظم، إلّا بما أصبحت أبديه (?)
فما لنظم كلام أنت ناظمه ... معنى سوى حكم إعراب تزجّيه (?)
اسم يرى وهو أصل للكلام، فما ... يتمّ من دونه قصد لمنشيه
وآخر هو يعطيك الزّيادة في ... ما أنت تثبته أو أنت تنفيه
تفسير ذلك: أنّ الأصل مبتدأ ... تلقى له خبرا من بعد تثنيه
وفاعل مسند، فعل تقدّمه، ... إليه، يكسبه (?) وصفا ويعطيه
هذان أصلان، لا تأتيك فائدة ... من منطق لم يكونا من مبانيه
وما يزيدك من بعد التّمام، فما ... سلّطت فعلا عليه في تعدّيه