المفرد، لكان الذي قالوه في كلمة التوحيد من أن التقدير فيها: «لا إله لنا، أو في الوجود، إلّا الله»، فضلا من القول، وتقديرا لما لا يحتاج إليه. وكذلك الحكم أبدا.
وإذا قلت: «هل خرج زيد» لم تكن قد استفهمت عن الخروج مطلقا، ولكن عنه واقعا من «زيد». وإذا قلت: «إن يأتني زيد أكرمه»، لم تكن جعلت الإتيان شرطا، بل الإتيان من «زيد»، وكذا لم تجعل الإكرام على الإطلاق جزاء للإتيان، بل الإكرام واقعا منك. كيف؟ وذلك يؤدي إلى أشنع ما يكون من المحال، وهو أن يكون هاهنا إتيان من غير آت، وإكرام من غير مكرم، ثم يكون هذا شرطا وذلك جزاء.
ومختصر كلّ الأمر أنه لا يكون كلام من جزء واحد، وأنه لا بدّ من مسند ومسند إليه، وكذلك السبيل في كل حرف رأيته يدخل على جملة، كإنّ وأخواتها، ألا ترى أنك إذا قلت: «كأنّ»، يقتضي مشبّها ومشبّها به؟ كقولك: «كأنّ زيدا الأسد». وكذلك إذا قلت «لو» و «لولا»، وجدتهما يقتضيان جملتين، تكون الثّانية جوابا للأولى.
وجملة الأمر أنه لا يكون كلام من حرف وفعل أصلا، ولا من حرف واسم، إلا في النداء نحو: «يا عبد الله»، وذلك إذا حقّق الأمر كان كلاما بتقدير الفعل المضمر الذي هو «أعني» و «أريد» و «أدعو»، و «يا» دليل عليه، وعلى قيام معناه في النفس.
فهذه هي الطرق والوجوه في تعلّق الكلم بعضها ببعض، وهي، كما تراها، معاني النحو وأحكامه.
وكذلك السبيل في كلّ شيء كان له مدخل في صحّة تعلّق الكلم بعضها ببعض، لا ترى شيئا من ذلك يعدو أن يكون حكما من أحكام النحو ومعنى من معانيه، ثم إنّا نرى هذه كلّها موجودة في كلام العرب، ونرى العلم بها مشتركا بينهم.
وإذا كان ذلك كذلك، فما جوابنا لخصم يقول لنا: إذا كانت هذه الأمور وهذه الوجوه من التعلّق التي هي محصول النظم، موجودة على حقائقها وعلى الصحة وكما ينبغي في منثور كلام العرب ومنظومه، ورأيناهم قد استعملوها وتصرّفوا فيها وكملوا بمعرفتها، وكانت حقائق لا تتبدّل ولا يختلف بها الحال؛ إذ لا يكون للاسم- بكونه خبرا لمبتدإ، أو صفة لموصوف، أو حالا لذي حال، أو فاعلا أو مفعولا لفعل في كلام- حقيقة (?) هي خلاف حقيقته في كلام آخر، فما هذا الذي تجدّد بالقرآن من