وبيت الفرزدق: [من الكامل]
والشّيب ينهض في الشّباب كأنّه ... ليل يصيح بجانبيه نهار (?)
وبيت بشّار: [من الطويل]
كأنّ مثار النّقع فوق رءوسنا ... وأسيافنا، ليل تهاوى كواكبه (?)
ومما أتى في هذا الباب مأتى أعجب مما مضى كله، قول زياد الأعجم: [من الطويل]
وإنّا وما تلقي لنا إن هجوتنا ... لكالبحر، مهما يلق في البحر يغرق (?)
وإنما كان أعجب، لأن عمله أدقّ، وطريقه أغمض، ووجه المشابكة فيه أغرب.
واعلم أنّ من الكلام ما أنت تعلم إذا تدبرته أن لم يحتج واضعه إلى فكر ورويّة حتى انتظم، بل ترى سبيله في ضمّ بعضه إلى بعض، سبيل من عمد إلى لآل فخرطها في سلك، لا يبغي أكثر من أن يمنعها التفرّق، وكمن نضد أشياء بعضها على بعض، لا يريد في نضده ذلك أن تجيء له منه هيئة أو صورة، بل ليس إلا أن تكون مجموعة في رأي العين. وذلك إذا كان معناك، معنى لا تحتاج أن تصنع فيه شيئا غير أن تعطف لفظا على مثله، كقول الجاحظ: