والأمر كما قال الصاحب، والسبب في ذلك أنك إذا حدّثت عن اسم مضاف، ثم أردت أن تذكر المضاف إليه، فإن البلاغة تقتضي أن تذكره باسمه الظاهر ولا تضمره.

تفسير هذا أنّ الذي هو الحسن الجميل أن تقول: «جاءني غلام زيد وزيد»، ويقبح أن تقول: «جاءني غلام زيد وهو»، ومن الشاهد في ذلك قول دعبل: [من البسيط]

أضياف عمران في خصب وفي سعة ... وفي حباء وخير غير ممنوع

وضيف عمرو وعمرو يسهران معا، ... عمرو لبطنته والضّيف للجوع (?)

وقول الآخر: [من الطويل]

وإن طرّة راقتك فانظر، فربّما ... أمر مذاق العود والعود أخضر (?)

وقول المتنبي

بمن نضرب الأمثال أم من نقيسه ... إليك، وأهل الدّهر دونك والدّهر (?)

ليس بخفيّ على من له ذوق أنه لو أتى موضع الظّاهر في ذلك كله بالضمير فقيل: «وضيف عمرو وهو يسهران معا»، و «ربّما أمرّ مذاق العود وهو أخضر»، و «أهل الدهر دونك وهو»، لعدم حسن ومزيّة لا خفاء بأمرهما، وليس لأن الشعر ينكسر، ولكن تنكره النفس.

وقد يرى في بادئ الرأي أن ذلك من أجل اللّبس، وأنك إذا قلت: «جاءني غلام زيد وهو»، كان الذي يقع في نفس السامع أن الضمير للغلام، وأنك على أن تجيء له بخبر، إلّا أنه لا يستمرّ، من حيث أنّا نقول: «جاءني غلمان زيد وهو»، فتجد الاستنكار ونبوّ النفس، مع أن لا لبس مثل الذي وجدناه. وإذا كان كذلك، وجب أن يكون السبب غير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015