إلى نظائر ذلك، فيكون المعنى في هذه القراءة مثله في القراءة الأخرى، سواء.
والوجه الثاني: أن يكون الابن صفة، ويكون التنوين قد سقط على حدّ سقوطه في قولنا: «جاءني زيد بن عمرو»، ويكون في الكلام محذوف. ثم اختلفوا في المحذوف، فمنهم من جعله مبتدأ فقدّر: «وقالت اليهود هو عزيز بن الله» ومنهم من جعله خبرا فقدّر؟ «وقالت اليهود عزيز بن الله معبودنا».
وفي هذا أمر عظيم، وذلك أنك إذا حكيت عن قائل كلاما أنت تريد أن تكذّبه فيه، فإنّ التكذيب ينصرف إلى ما كان فيه خبرا، دون ما كان صفة.
تفسير هذا: أنك إذا حكيت عن إنسان أنه قال: «زيد بن عمرو سيّد»، ثم كذّبته فيه، لم تكن قد أنكرت بذلك أن يكون زيد بن عمرو، ولكن أن يكون سيّدا.
وكذلك إذا قال: «زيد الفقيه قد قدم»، فقلت له: «كذبت» أو «غلطت». لم تكن قد أنكرت أن يكون زيد فقيها، ولكن أن يكون قد قدم. هذا ما لا شبهة فيه، وذلك أنّك إذا كذّبت قائلا في كلام أو صدّقته، فإنما ينصرف التكذيب منك والتصديق إلى إثباته ونفيه، والإثبات والنّفي يتناولان الخبر دون الصّفة. يدلّك على ذلك أنك تجد الصّفة ثابتة في حال النفي، كثبوتها في حال الإثبات. فإذا قلت: «ما جاءني زيد الظّريف»، كان «الظرف» ثابتا لزيد كثبوته إذا قلت: «جاءني زيد الظّريف» وذلك أن ليس ثبوت الصّفة للذي هي صفة له، بالمتكلّم وبإثباته لها فتنتفي بنفيه، وإنما ثبوتها بنفسها، وبتقرّر الوجود فيها عند المخاطب، مثله عند المتكلم، لأنّه إذا وقعت الحاجة في العلم إلى الصفة، كان الاحتياج إليها من أجل خيفة اللّبس على المخاطب.
تفسير ذلك: أنّك إذا قلت: «جاءني زيد الظريف»، فإنّك إنما تحتاج إلى أن تصفه بالظّريف، إذا كان فيمن يجيء إليك واحد آخر يسمى «زيدا»، فأنت تخشى إن قلت: «جاءني زيد» ولم تقل «الظريف»، أن يلتبس على المخاطب فلا يدري أهذا عنيت أم ذاك؟ وإذا كان الغرض من ذكر الصّفة إزالة اللّبس والتبيين، كان محالا أن تكون غير معلومة عند المخاطب، وغير ثابتة، لأنه يؤدي إلى أن تروم تبيين الشّيء للمخاطب بوصف هو لا يعلمه في ذلك الشيء. وذلك ما لا غاية وراءه في الفساد.
وإذا كان الأمر كذلك، كان جعل «الابن» صفة في الآية، مؤدّيا إلى الأمر العظيم،