11]، وقوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها [النازعات: 45]، كلّ ذلك تذكير بأمر ثابت معلوم. وذلك أنّ كل عاقل يعلم أنه لا تكون استجابة إلا ممّن يسمع ويعقل ما يقال له ويدعى إليه، وأنّ من لم يسمع ولم يعقل لم يستجب وكذلك معلوم أن الإنذار إنما يكون إنذار ويكون له تأثير، إذا كان مع من يؤمن بالله ويخشاه ويصدّق بالبعث والساعة، فأمّا الكافر الجاهل، فالإنذار وترك الإنذار معه واحد. فهذا مثال ما الخبر فيه خبر بأمر يعلمه المخاطب ولا ينكره بحال.
وأمّا مثال ما ينزّل هذه المنزلة، فكقوله: [من الخفيف]
إنّما مصعب شهاب من اللّ ... هـ تجلّت عن وجهه الظّلماء (?)
ادّعى في كون الممدوح بهذه الصفة، أنه أمر ظاهر معلوم للجميع، على عادة الشعراء إذا مدحوا أن يدّعوا في الأوصاف التي يذكرون بها الممدوحين أنّها ثابتة لهم، وأنهم قد شهروا بها، وأنهم لم يصفوا إلا بالمعلوم الظاهر الذي لا يدفعه أحد، كما قال: [من الطويل]
وتعذلني أفناء سعد عليهم ... وما قلت إلّا بالّذي علمت سعد (?)
وكما قال البحتريّ:
لا أدّعي لأبي العلاء فضيلة ... حتّى يسلّمها إليه عداه (?)
ومثله قولهم: «إنما هو أسد»، و «إنّما هو نار»، و «إنما هو سيف صارم»، وإذا أدخلوا «إنما» جعلوا ذلك في حكم الظاهر المعلوم الذي لا ينكر ولا يدفع ولا يخفى.