عليك باليأس من النّاس ... إنّ غنى نفسك في الياس (?)
فقد ترى حسن موقعها، وكيف قبول النفس لها، وليس ذلك إلّا لأن الغالب على الناس أنهم لا يحملون أنفسهم على اليأس، ولا يدعون الرّجاء والطّمع، ولا يعترف كل أحد ولا يسلّم أن الغنى في اليأس. فلما كان كذلك، كان الموضع موضع فقر إلى التأكيد، فلذلك كان من حسنها ما ترى.
- ومثله سواء قول محمد بن وهيب: [من الطويل]
أجارتنا إنّ التّعفّف بالياس ... وصبرا على استدرار دنيا بإبساس
حريّان أن لا يقذفا بمذلّة ... كريما، وأن لا يحوجاه إلى النّاس
أجارتنا إنّ القداح كواذب ... وأكثر أسباب النّجاح مع الياس (?)
هو: كما لا يخفى، كلام مع من لا يرى أن الأمر كما قال، بل ينكره ويعتقد خلافه. ومعلوم أنه لم يقله إلا والمرأة تحدوه وتبعثه على التعرّض للناس، وعلى الطّلب.
ومن طيف مواقعها أن يدّعى على الخاطب ظنّ لم يظنّه، ولكن يراد التهكم به، وأن يقال: «إن حالك والذي صنعت يقتضي أن تكون قد ظننت ذلك». ومثال ذلك قول الأوّل: [من السريع]
جاء شقيق عارضا رمحه، ... إنّ بني عمّك فيهم رماح (?)
يقول: إن مجيئه هكذا مدلّا بنفسه وبشجاعته قد وضع رمحه عرضا، دليل على إعجاب شديد، وعلى اعتقاد منه أنه لا يقوم له أحد، حتى كأن ليس مع أحد منّا رمح يدفعه به، وكأنّا كلّنا عزل.
وإذا كان كذلك، وجب إذا قيل إنها جواب سائل، أن يشترط فيه أن يكون