ويشتري، ويأكل ويشرب» وأشباه ذلك، ازداد معنى الجمع في «الواو» قوة وظهورا، وكان الأمر حينئذ صريحا.

وذلك أنك إذا قلت: «هو يضرّ وينفع»، كنت قد أفدت «بالواو» أنك أوجبت له الفعلين جميعا، وجعلته يفعلهما معا. ولو قلت: «يضرّ ينفع»: من غير «واو» لم يجب ذلك، بل قد يجوز أن يكون قولك «ينفع» رجوعا عن قولك «يضر» وإبطالا له.

وإذا وقع الفعلان في مثل هذا في الصّلة، ازداد الاشتباك والاقتران حتى لا يتصوّر تقدير إفراد في أحدهما عن الآخر، وذلك في مثل قولك: «العجب من أنّي أحسنت وأسأت» و «يكفيك ما قلت وسمعت» و «أيحسن أن تنهى عن شيء وتأتي مثله؟»، وذلك أنه لا يشتبه على عاقل أن المعنى على جعل الفعلين في حكم فعل واحد. ومن البيّن في ذلك قوله: [من البسيط]

لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم، ... وأن نكفّ الأذى عنكم وتؤذونا (?)

المعنى: لا تطمعوا أن تروا إكرامنا قد وجد مع إهانتكم، وجامعها في الحصول.

ومما له مأخذ لطيف في هذا الباب قول أبي تمام: [من الطويل]

لهان علينا أن نقول وتفعلا ... ونذكر بعض الفضل منك وتفضلا (?)

واعلم أنه كما كان في الأسماء ما يصله معناه بالاسم قبله، فيستغني بصلة معناه له عن واصل يصله ورابط يربطه، وذلك كالصفة التي لا تحتاج في اتّصالها بالموصوف إلى شيء يصلها به، وكالتأكيد الذي لا يفتقر كذلك إلى ما يصله بالمؤكد، كذلك يكون في الجمل ما تتّصل من ذات نفسها بالتي قبلها، وتستغني بربط معناها لها عن حرف عطف يربطها. وهي كلّ جملة كانت مؤكّدة للتي قبلها ومبيّنة لها، وكانت إذا حصّلت لم تكن شيئا سواها، كما لا تكون الصفة غير الموصوف، والتأكيد غير المؤكد. فإذا قلت: «جاءني زيد الظريف»، و «جاءني القوم كلهم»، لم يكن «الظريف» و «كلّهم» غير زيد وغير القوم.

ومثال ما هو من الجمل كذلك قوله تعالى: الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015