كَرِيمٌ مَتَى أَمْدَحْهُ أَمْدَحْهُ والوَرى ... جَميعاً ومَهْما لمته لمته وحدي1

أي لا أمدحه بشيء إلا صدقني الناس فيه2.

ومنه ما يكونُ فيه بعضُ الكُلْفة على اللسان، إلاَّ أَنه لا يَبلغُ أن يُعابَ به صاحبه ويشهر أمره في ذلك ويفحظ عليه3 ويزعمُ أن الكلامَ إذا سَلمَ من ذلك وصفَا من شَوْبِه4، كان الفصيحَ المشادَ به والمُشارَ إليه5، وأنَّ الصفاءَ أيضاً يكونُ على مراتبَ يعلو بعضُها بعْضاً، وأنَّ له غايةً إذا انتهى إليها كانَ الإِعجاز.

والذي يبطل هذه المشبهة، إن ذَهب إليها ذاهبٌ، أنَّا إنْ قَصرْنا صِفةَ "الفصاحةِ" على كَوْن اللفظِ كذلك6، وجَعلْناه المراد بها، لزمنا أن نخرج "الفصاحةِ" على كَوْن اللفظِ كذلك، وجَعلْناه المرادَ بها، لَزِمَنَا أنْ نُخرج "الفصاحةَ" من حيِّز "البلاغةِ"، ومِنْ أنْ تكونَ نَظيرةً لها. وإِذا فعلنا ذلك، لم نحل من أجد أَمْرين: إمَا أنْ نَجْعَله العُمْدةَ في المفاضلةِ بينَ العبارتين ولا نُعرِّجَ على غيرِه، وإِمَّا أن نَجعلَه أَحدَ ما نُفاضل به، ووَجْهاً منَ الوجوه التي تَقْتضي تقديمَ كلامٍ على كلام7.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015