بسم الله الرحمن الرحيم
"النظم"، هو توخي معاني النحو، وهو معدن البلاغة:
613 - ما أظن بك أيها القارئ لكتابِنا، إِن كنتَ وفَّيته حقَّه من النظرِ، وتدبَّرتَه حقَّ التدبرِ، إِلاّ أنكَ قد علمتَ علماً أَبى أن يكون للشكِّ فيه نصيبٌ، وللوقف نحوكَ مذهبٌ، أنْ ليس "النظمُ" شيئاً إلاَّ توخِّي معاني النحو وأحكامِه ووجوهِه وفروقه فيما بَيْنَ معاني الكلم1 وأنك قد تبيَّنت أنه إِذا رُفعَ معاني النَّحو وأحكامُه مما بينَ الكَلم حتى لا تُرادَ فيها في جملةٍ ولا تفصيلٍ، خرجت الكلم المنطوقُ ببعضِها في أثرِ بعضٍ في البيتِ من الشعرِ والفصلِ من النَثْر2، عن أنْ يكونَ لكونِها في مواضِعِها التي وُضِعَتْ فيها مُوجبٌ ومُقتضٍ3، وعنْ أن يُتصوَّر أن يقالَ في كلمة منها إِنها مرتبطةٌ بصاحبةٍ لها، ومتعلِّقةٍ بها، وكائنةٌ بسببٍ منها4 وإنْ حَسُنَ تصوُّرك لذلك، قد ثبت فيك قَدَمَكَ، وملأ مِنَ الثقةِ نفسَك، وباعَدَك من أن تَحنَّ إِلى الذي كنتَ عليه، وأن يَجُرَّك الإلفُ والاعتيادُ إِليه وأنك جعلتَ ما قلناه نَقْشاً في صدركَ، وأثبتَّه في سويداءِ قلبكَ، وصادقتَ بينَه وبينَ نفسِك. فإِنْ كانَ الأمرُ كما ظنناه. رجونا أن يصادفَ الذي نريدُ أن نستأنفَه بعونِ الله تعالى منكَ نية حسنة تقيكَ المللَ5، ورغبة صادقة تدفعُ