ومن ههنا رأيتُ العلماءَ يذمُّون مَنْ يحمِلُه تطلُّبُ السَّجَعِ والتجنيس على أن يضيم لها المعنى1، ويدخل الخلل عليه من أجلها، وعلى أَنْ يتعسَّف في الاستعارةِ بسَبَبهما، ويَرْكَبَ الوعورةَ، ويسلُكُ المسالِكَ المجهولةَ، كالذي صنَع أبو تمام في قوله:
سيف الإمام الذي سمته هييته ... لمَّا تَخَرَّم أهلَ الأرضِ مخْترِما
قَرَّت بِقُرَّانَ عينُ الدينِ وانتشرتْ ... بالأشترينِ عيونُ الشِّرْكِ فاصطُلِما2
وقوله:
ذهبَتْ بمَذْهَبهِ السماحةُ والْتَوَتْ ... فيه الظنونُ أمَذهَبُ أم مُذْهَبُ3
ويَصْنعه المتكلفونَ في الأسجاعِ. وذلك أنه لا يُتصوَّر أن يَجِبَ بهما، ومِنْ حيثُ هما، فضلٌ، ويقعَ بهما مع الخُلوِّ منَ المعنى اعتدادٌ. وإِذا نظرتَ إِلى تجنيسِ أبي تمام: "أمَذهَبٌ أم مُذهَبُ" فاستضعفتَه، وإِلى تجنيس القائل:
حتَّى نجا من خَوفِهِ وما نَجا4
وقولِ المحدث:
ناظراها فيما جَنَى ناظِراهُ ... أو دَعَاني أمُتْ بما أودعاني5