32 - نَعَمْ، فإذا كان هذا هو الذي يُذكَرُ في جوابِ السائل، فبنا أن نَنْظُر: أيٌّ أَشْبَهُ بالفتى في عَقْله ودِينه، وأَزْيَدُ له في علمه ويقينه1، أن يقلد في ذلك، ويحفظ من الدليلِ وظاهرَ لفظِه، ولا يَبْحثَ عن تفسيرِ المَزايا والخصائصِ ما هيَ؟ ومِنْ أيْنَ كَثُرَت الكثرةَ العظيمةَ، واتَّسَعتِ الاتِّساعَ المُجَاوِزَ لِوُسْعِ الخَلْق وطاقةِ البشر؟ وكيفَ يكونُ أنْ تَظْهَرَ في ألفاظ محصورة، وكلم معدودة معلومة، بأن يوتى ببعضِها في إِثْْر بَعْضٍ، لطائفُ لا يَحْصُرها العدَدُ، 2 ولا يَنتهي بها الأمَدُ؟ أَمْ أن يَبْحَث عن ذلك كلِّه، ويَسْتقصيَ النظرَ في جميعهِ، ويتتبعَهُ شيئاً فشيئاً، ويَسْتَقصِيَهُ باباً فباباً، حتى يَعْرِف كلا منه بشاهده ودليله، وتعلمه بتفسيره وتأويله، ويوثق بتصويره وتمثيله3، ولا يكون كمن قيل فيه:

يَقولونَ أقوالاً ولا يَعلْمونها ... ولو قِيلَ هاتُوا حقِّقوا لمْ يُحَقِّقوا4

قد قطعتُ عذْرَ المتهاونِ، ودَلَلَتْ على ما أضاعَ من حَظّه، وهَدَيْتُه لرشدِه، وصحَّ أنْ لا غنى بالعاقلِ عن معرفة هذه الأمور، والوقوف عليها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015