1 فقيلَ لنا: قد سَمِعْنا ما قلْتُم، فخَبِّرونا عنهم، عما ذا عجزوا؟ أعن معان من دِقَّةِ مَعانيه وحُسْنهِا وصِحَّتها في العقول؟ أمْ عن ألفاظٍ مِثْلِ ألفاظه؟ فإِنْ قلْتُم: "عنِ الألفاظ"، فماذا أَعْجَزَهم منَ اللفظ، أمْ ما بهرهم منه؟

فقلنا: أعجزتم مزايا ظهرتْ لهم في نظمهِ، وخصائصُ صادفوها في سِياق لفظه، وبدائعُ راعَتْهم من مبادئ آيهِ ومقاطِعها2، ومجاري ألفاظِها ومواقعها، وفي مضربِ كلَّ مثلٍ، ومساقِ كلَّ خبرٍ3، وصورةِ كلَّ عِظَةٍ وتنبيهٍ، وإعلامٍ وتَذكيرٍ، وترغيبٍ وترهيبٍ، ومع كلَّ حُجةٍ وبُرهانٍ، وصفةٍ وتبيان4 وبَهرهُم أنَّهم تأمَّلوه سُورةً سورةً، وعَشْراً عَشراً، وآية آية، فلم يجدوا في الجميع كلمة يَنْبو بها مكانُها، ولفظةً يُنكرُ شانُها، أو يُرى أنَّ غيَرها أصلحُ هناك أو أشْبَه، أو أحرى وأخْلَق، بل وجدُوا اتِّساقاً بَهرَ العُقولَ، وأعجزَ الجمهورَ، ونظاماً والتئاماً، وإتقاناً وإحكاماً، لم يَدعْ في نفسِ بليغٍ منهم، ولو حكَّ بيافوخِه السَّماء، موضعَ طمعٍ، حتى خرسَتِ الألسنُ عن أن تدعي وتقول، وخذيت القروم فلم تملك أن تصول5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015