وإن قلتَ: إنَّ ذلك لأنه قد راعى في نُطْقه بهذه الألفاظِ "النسَقَ" الذي راعاه امرؤ القس.

قيل: إنْ كنتَ لهذا قضَيْتَ في المُنْشِد أنه قد أَتَى بِمْثل شِعْره، فأخْبِرْنا عنكَ؟ إِذا قلتَ: "إن التحدِّيَ وقَع في القرآن إلى أن يُؤتى بمثله على جهةِ الابتداءِ"1، ما تَعْني به؟ أَتَعْني أَنه يأتي في ألفاظٍ غيرِ أَلفاظ القرآن، بمثل التّرتيبِ والنَّسَقِ الذي تَراه في ألفاظ القرآنِ.

فإِن قال: ذلك أَعْني.

قيل له: أَعلِمْتَ أَنه لا يكونُ الإتيانُ بالأشياءِ بَعْضِها في أَثرِ بعضٍ على التَّوالي نَسَقاً وتَرتيباً، حتى تكونَ الأشياءُ مختلفةً في أَنْفُسها، ثم يكونَ للَّذي يَجيءُ بها مَضموماً بعضُها إلى بعضٍ، غرضٌ فيها ومقصودٌ، لا يَتمُّ ذلك الغرَضُ وذاك المقصود إبلا بأَنْ يتَخيَّر لَها مواضِعَ، فيَجعلَ هذا أولاً، وذاك ثانيصا؟ فإِنَّ هذا ما لا شُبهة فيه على عاقل. وإِذا كان الأمرُ كذلك، لزِمَك أن تُبَيِّنَ الغرضَ الذي اقتضَى أنْ تكونَ ألفاظُ القرآنِ منْسوقةً النَّسَقَ الذي تَراه.

ولا مَخْلَصَ له من هذه المُطالبة، لأنه إذا أبى أن يكون المقتصى والموجِبُ للَّذي تَراه من النَّسق، المعانيَ2 وجَعلَه قد وجب لأمر يرجع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015