قبحًا وشناعة. وذلك أن يَلزَمُ على قياس قولهم أنْ يكونَ إنما كان قولُه تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: 67]، أَفصَحَ مِن أَصْله الذي هو قَوْلُنا: "والنهارَ لِتُبْصِروا أنتُمْ فيه، أو مبصراً أنتم فيه"، من أجْلِ أنه حدَثَ في حروفِ "مُبْصر" بأن جَعَل الفِعْل للنهارِ على سعَةِ الكلامِ1 وصفٌ لم يكن وكذلك يَلزمُ أن يكونَ السببُ في أنْ كان قول الشاعر:
فنام لَيْلي وتجلَّى همِّي2
أفصحَ من قولنا: فنمت في ليل3 أنْ كسبَ هذا المجازُ لفظَ "نام" ولفظ "الليل" مذاقَةً لم تكُنْ لهما. وهذا مما يَنْبغي للعاقل أنْ يستَحيَ منه، وأَنْ يأنفَ من أن يهمل النظر إهمالًا يوديه إلى مثله، وتسأل الله تعالى العصمة والتوفيق.
القول في "الإيجاز":
548 - وإذْ قد عرفْتَ ما لَزِمَهم في "الاستعارةِ" و "المجاز"، فالذي يَلزَمُهم في "الإِيجاز" أَعجبُ. وذلكَ أنه يلزَمُهم إنْ كانَ "اللفظُ" فصيحاً لأَمرٍ يَرْجِعُ إليه نسه دون معناه أن يكون كذلك موجزًا لمر يرجع إلى نفسه، وذلك في المُحَال الذي يُضْحَك منه، لأنه لا معنى للإِيجاز إلاَّ أنْ يَدُلَّ بالقليل منَ اللفظِ على الكَثير من المعنى، وإذا لم تَجعلْهُ وصْفاً لِلَّفظِ من أجْلِ معناه، أبطَلْتَ معناهُ، أعني أبطلت معنى الإيجاز.