أوْ أنها أَجْرى على مقاييس اللغةِ والقوانينِ التي وَضعوها. وانَّ الذي هو معنى "الفصاحةِ" في أصل اللغة، هو الإنابة عن المعنى، بدلالة قولهم: "فصيح" و "أعجم"، وقولهم: "أفصح الأعجمي"، و "فصح اللحان" و "أفصح الرجُلُ بكذا"، إذا صرَّحَ به وأَنه لو كان وصفهم الكلمات المفردة بالفصاحةِ من أجْل وصْفٍ هُوَ لَها من حيثُ هي ألفاظٌ ونطقُ لسان، لوجب إذا وجت كلمةٌ يقال إنها كلمةٌ فصيحةٌ على صفةٍ في اللفظِ، أن لا تُوجَد كلمةٌ على تلك الصفةِ، إلا وَجَبَ لها أن تكونَ فصيحةً1، وحتى يَجِبَ إذا كانت "فقهتُ الحديثَ" بالكسر أفصحَ منه بالفتح، أن يكونَ سبيلُ كلَّ فعلٍ مثْلِه في الزِّنَةِ أَنْ يكونَ الكَسرُ فيه أفْصَحَ من الفتح.

ثم إنَّ فيما أودَعهُ ثعلبُ كتابَه، ما هو أفصَحُ، مِن أجْل أنْ لم يكُنْ فيه حرفٌ كان فيما جعلَهُ أفصَحَ منه2، مثْلُ إن "وقفت" أفصلح من "أَوْقَفْتُ"، أفتَرى أَنه حدَث في "الواو" و "القاف" و "الفاء" بأنْ لم يكن معها الهمزةُ، فضيلةٌ وجَبَ لها أن تكونَ أفصَحَ؟ وكفى برأيٍ هذا مؤدَّاهُ تَهافتاً وخَطلاً!

وجملةُ الأمر أَنه لا بدَّ لقولِنا "الفصاحةُ" مِنْ معنًى يُعْرَفُ، فإنْ كان ذلك المعنى وصْفاً في ألفاظٍِ الكلمات المفردةِ، فينبغي أنْ يُشارَ لنا إليه، وتوضَعَ اليد عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015