أجزاءُ أحَدِهما مخالِفةٌ في معانيها لأجزاءِ الآخَر، ثم يَرى أنَّه يَسَعُ في العقْلِ أن يكونَ معنى أحَدِ الكلامَيْن مثْلَ معنى الآخر، سواء حتى يقعد فيقولُ1: "إِنه لو كانَ يكونُ الكلامُ فَصيحاً مِن أجْل مزيَّةٍ تكونُ في معناه، لكانَ يَنبغي أَن تُوجَد تلكَ المزيةُ في تفسيرهِ". ومثْلُه في العَجَب أنه يَنظُرُ إِلى قوله تعالى: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُم} [البقرة: 16]، فيرَى إعرابَ الاسْم الذي هو "التجارةُ"، قد تغيَّر فصارَ مرفوعاً بعد أن كان مجروراً، ويرى أنهن قد حُذِفَ من اللفظ بعضُ ما كان فيهِ، وهو "الواوُ" في "ربحوا"، و "في" من قولنا: "في تجارتهم"، ثم لا يَعْلَم أنَّ ذلك يَقْتضي أنْ يكونَ المعنى قد تَغيَّر كما تغيَّر اللفظُ.

الكلام الفصيح قسمان: مزية اللفظ ومزية النظم

504 - واعلمْ أَنه ليسَ للحِجَجِ والدلائل في صحَّةِ ما نحنُ عليه حَدٍّ ونهايةٌ، وكلَّما انتهى منه بابٌ انفتَحَ فيه بابٌ آخر، وقد أردتُ أن آخذَ في نوعٍ آخرَ من الحِجَاج، ومن البَسْط والشرحِ، فتأملْ ما أكْتبُه لك.

505 - إعلمْ أَنَّ الكلامَ الفصيحَ ينقسمُ قسمين: قسمٌ تُعزى المزيةُ والحسْنُ فيه إِلى اللفظِ وقسمٌ يعزى ذلك فيه إلى النظم2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015