وتَأْبى الطباعُ على الناقلِ1
وبينَ قولهم: "إِنك لا تَقدِرُ أن تغيِّر طبَاعَ الإِنسان" ويَجْعلوا حالَ المعنى في قولِ أبي نواس:
ولَيْسَ للهِ بمستنكَرٍ ... أنْ يَجْمَع العالَمَ في واحدِ2
كحالهِ في قولِنا: "إِنه ليس ببديعٍ في قُدْرة الله أن يجع فضائلَ الخَلْقِ كلِّهم في واحد" ويرتكبوا ذلك في الكلام كلِّه، حتى يَزْعموا أنَّا إِذا قلْنا في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} إنَّ المعنى فيها: "أنه لمَّا كان الإنسانُ إِذا هَمَّ بقَتْلِ آخَر لِشيءٍ غاظَهُ منه، فذَكَر أَنَّه إنْ قَتَله قُتِلَ ارتَدَعَ، صار المهمومُ بِقَتْله كأنه قد استفادَ حياةً فيما يستقبل بالقصاص3 كنا قد أدينا المعنى في تسيرنا هذا على صورتِه التي هو عليها في الآية، حتى لا نَعرفَ فضْلاً، وحتى يكونَ حال الآية والتفسير حال اللفظين إِحداهما غريبةٌ والأخرى مشهورة، فتفسَّرُ الغريبةُ بالمشهورةِ، مثلَ أن تقول مثلاً في "الشَّرجب" إِنه الطويلُ4، وفي "القطَّ" إِنه الكِتاب، وفي "الدُسُّرِ" إِنه المَسامير. ومَنْ صارَ الأمرُ به إِلى هذا، كان الكلامُ معه مُحالاً.
503 - واعلمْ أَنه ليس عجب أعجب من حال من يرى كلامين5،