وإلاَّ فاعْلَموا أَنَّا وأنتمْ ... بُغَاةٌ ما بَقينا فِي شِقاقِ1
وحتى كأنَّ المُشْكِلُ على الجَميع غيرَ مُشكلٍ عندكم، وحتى كأَنَّكم قد أُوتيتُمْ أن تستنبطوا من المسئلة الواحدة من كل باب مسألة كلَّها، فتخرجُوا إلى فَنِّ من التَّجاهُل لا يبقى مع كلامٌ.
وإمَّا أَنْ تَعْلموا أنكم قد أَخطأتم حينَ أَصْغَرْتم أمرَ هذا العلمِ، وظَننتُم ما ظَننتُمْ فيه، فتَرْجِعوا إلى الحقَّ وتُسَلِّموا الفضلَ لأهلِه، وتَدَعُوا الذي يُزري بكم، ويَفْتَحُ بابَ العيبِ عليكم، ويَطيلُ لسانَ القادحِ فيكم، وبالله التوفيق.
24 - هذا2، ولو أنَّ هؤلاءِ القومَ إذْ تَرَكوا هذا الشأْنَ تركوهُ جُملة، وإذْ زَعَموا أنَّ قَدْرَ المْفْتَقَر إلِيه القليلُ منه، اقْتَصروا على ذلك القليل، فلم يأخذوا أنفسهم بالفتوى فيه3، والتصرُّف فيما لم يتعلموا منه، ولم يَخُوضوا في التفسير، ولم يتعاطَوْا التأويلَ، لكانَ البلاءُ واحداً، ولكانوا إذْ لم يَبْنوا لم يَهْدِموا، وإذْ لم يصْلِحوا لمْ يَكونوا سَبباً للفَسادِ،4 ولكنهم لم يَفْعَلُوا، فجَلبُوا مِن الدّاءِ ما أَعيى الطبيبَ، وحَيَّر اللبيبَ، وانتهى التخليطُ بما أَتَوْه فيه، إلى حدٍّ يُئسَ مِن تَلافيه، فلم يَبْق للعارفِ الذي يَكْره الشَّغَب إلاَّ التعجبُ والسكوتُ. وما الآفةُ العُظمى إلاَّ واحدةٌ، وهي أن يجيءَ منَ الإنسان ويجري لفظه5، ويمشي له أن