كانتْ وعُرِفَتْ من إنسانٍ، وأَردْتَ أن تَعرفَ ممَّنْ كانت بل تُريد أن تَقْصُرَ جنْسَ الشجاعةِ عليه، ولا تَجعلُ لأحدٍ غيرهِ فيه حظَّاً، كذلك لا تَقصدُ بقولك: "أنتَ الوفيُّ حين لا يَفي أحدٌ" إلى وفاءٍ واحدٍ. كيفَ؟ وأنتَ تقول: "حينَ لا يفي أحدٌ".
وهكذا محال أن تقصد في قولِه: "هُوَ الواهبُ المئةَ المصطفاةَ"، إلى هبةٍ واحدةٍ، لأنه يَقْتضي أَن يقصِدَ إلى مِئةٍ منَ الإبلَ قد وَهَبها مرةً، ثم لم يعد لمثلها. ومعلوم أن خلافُ الغرضِ، لأنَّ المعنى أنه الذي مِنْ شأنِه أن يَهَبَ المئةَ أبداً، والذي يبلغُ عطاره هذا المبلغَ، كما تقول: "هو الذي يُعطي مادحة الألف والألفين"، وكقوله:
وحاتمُ الطائيُّ وهَّابُ المِئي1
وذلك أوضَحُ من أن يخفى.
الألف واللام الدالة على الجنسية لها مذهب في الخبر، غيره في المبتدأ ووجوه هذا المعنى:
218 - وأصْلٌ آخرُ: وهو أن مِنْ حَقِّنا أن نعْلم أنَّ مَذْهَب الجنسية في الاسم وهو خبر، غير مذهبها وهو مبتدأ.