آلتْ ولا شيءَ أحْشدُ للذَّمِّ على صاحبِها منها1. ولا شَيْنَ أشَيْنُ مِن إعمالِه لها2.
2 - فهذا من فضلِ العلم لا تَجد عاقلاً يُخالفك فيه، ولا تَرى أحداً يدَفعُه أو يَنْفيهِ، فأمَّا المفاضلةُ بينَ بعضِه وبعضٍ، وتقديمُ فنٍّ منهُ على فَنّ، فإنَّك تَرى الناسَ فيه على آراءٍ مُختلفة، وأهواءٍ مُتعادية، تَرى كُلاًّ منهم لِحُبِّه نفسَه، وإيثارهِ أن يَدْفعَ النقصَ عنها، يُقدِّم ما يُحْسِن من أنواعِ العلمِ على ما لا يُحْسِن، ويحاولُ الزِّرايةَ على الذي لم يَحْظَ به3 والطعنَ على أهلهِ والغَضَّ منهم. ثم تتفاوتُ أحوالهُم في ذلك، فمِن مغمورٍ قد استهلكَهُ هَواهُ، وبَعُدَ في الجَوْر مَداه، ومِنْ مُترجِّح فيه بينَ الإِنصافِ والظُّلمْ4، يجورُ تارة ويَعْدل أخرى في الحُكْم، فأمَّا مَن يَخلُص في هذا المعنى من الحَيْف حتى لا يقضيَ إلاّ بالعدلِ، وحتى يَصْدُر في كلَّ أمرِه عنِ العقلِ، فكالشّيءِ الممتنعِ وجودُه. ولم يكنْ ذلك كذلك، إلاَّ لِشَرفِ العِلم وجليلِ محلِّه، وأنَّ محبَّتَه مركوزةٌ في الطِّباع، ومُرَكَّبة في النُّفوس، وأن الغَيْرة عليه لازمةٌ للجِبِلَّة، وموضوعةٌ في الفِطرة، وأنه لا عيبَ أعيْبُ عندَ الجميعِ مِن عَدَمه، ولا ضَعةَ أوْضعُ من الخلُوِّ عنه، فلم يُعادَ إذن إلا من فَرْط المحبةَّ، ولم يُسمح به إلا لشدة الضن.
علم البيان:
3 - ثم إنك لا تَرى عِلْماً هو أرسَخُ أصلاً، وأَبْسَق فَرعاً، وأَحلى جَنىً، وأَعذبُ ورْداً، وأكرمُ نِتاجاً، وأنْورُ سراجاً، مِن عِلْم البَيان، الذي لولاه لم تر