قال وفي أحكام القاضي له التعزير بحلق رأسه دون لحيته قال وذكر ابن عبد البر عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه قال: إياكم والمثلة في العقوبة وجز الرأس واللحية وقال في الإنصاف يحرم التعزير بحلق لحيته، وقال في الإقناع وشرحه ويحرم التعزير بحلق لحيته لما فيه من المثلة.
وقال في المنتهى وشرحه ويحرم تعزير بحلق لحية وقطع طرف وجرح لأنه مثلة، وقال في الروض المربع ويحرم تعزير بحلق لحية انتهى.
وإذا كان التعزير بحلق اللحى حراماً فمن أسفه السفه وأقبح الجهل أن يعزر الإنسان نفسه بهذا التعزير القبيح الذي لا يعزر بمثله إلا الملوك الظلمة، ولقد أحسن الشاعر حيث يقول:
ما تبلغ الأعداء من جاهل ... ما يبلغ الجاهل من نفسه
وأبلغ من هذا قول الله تعالى {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 41].
فالممثلون باللحى لهم نصيب من هذه الآية الكريمة فلهم خزي في الدنيا بما صنعوه بأنفسهم من المثلة وتشويه الوجوه وهم في الآخرة تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبهم على مخالفتهم لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم والتزيي بزي أعدائه، وإن شاء عفا عنهم. ويستدل بإصرارهم على التمثيل باللحى على أن قلوبهم غير طاهرة من أدران الخبث والنفاق.