ولم يكن أهل الحديث ليدعوا شيئاً يفوتهم بل كل ذلك مدون في كتبهم، فلا يخلو إذاً ما كتبوه وما نقلوه من تعارض، لأن المصنفين قد لا يبينون المجمل من المفصل أو المطلق من المقيد أو الناسخ من المنسوخ.
فيظن القارئ لكتب السنة أن هناك تعارضاً في هذه الأحاديث التي دونت ونقلت إلينا، ولذا كتب بعض العلماء مصنفات مستقلة يجمع فيها ذلك درءا للتعارض.
وكان مما تعارض في كتب السنة أحاديث فيما مسته النار، فبعضها يستدل به على وجوب الوضوء مما مسته النار وأن الأكل منه ناقض للوضوء وبعضها يستدل به على عدم وجوبه وعدم نقضه للوضوء.
فمما يبين وجوب الوضوء قوله صلى الله عليه وسلم: (توضئوا مما مست النار) .
ومما يبين عدم وجوبه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- (أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ) .
ذكر ما يدل على وجوب الوضوء مما مست النار:
عن عبيد الله بن إبراهيم بن قارض أَنَّهُ وَجَدَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ عَلَى الْمَسْجِدِ فَقَالَ: إِنَّمَا أَتَوَضَّأُ مِنْ أَثْوَارِ أَقِطٍ (?) أَكَلْتُهَا لأَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ" (?) .
ذكر ما يدل على ترك الوضوء مما مست النار: