2-أن حديث جابر إما أن يكون بعد ورود حديث أبي ثعلبة فيكونون على علم بالأمر بالغسل فهم يغسلونها ويستعملونها ولا يعاب عليهم الاستعمال، وهو بيان للاستمرار في الإباحة.
وإما أن يكون قبل وروده فيكون حديث أبي ثعلبة بياناً لهم ليغسلوها قبل استعمالها حيث كانوا لا يعلمون ذلك.
3-أن حديث عمران بن حصين لا دلالة فيه -عندي- على طهارة آنية المشركين، ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتوضأ منها مباشرة بل أفرغ منها وتزايد الماء حتى بلغ حد كفاية الجميع وملء أسقيتهم فهو لا ريب أكثر من القلتين بكثير مما دعا المرأة للعجب واتهام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسحر، وقد حققنا في الباب الأول أن الماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث، وإنما سقته وعرضته لاستدلال الفقهاء به.
والله أعلم.
الباب الثالث.
باب الوضوء.
وفيه مباحث:
الأول: هل أكل ما مست النار من نواقض الوضوء.
الثاني: هل يتوضأ من مس ذكره أم لا؟
الثالث: هل النوم من نواقض الوضوء.
الرابع: التسمية قبل الوضوء.
الخامس: هل يجب المضمضة والاستنشاق والاستنثار في الوضوء.
السادس: حكم تخليل اللحية الكثة في الوضوء.
السابع: الاطلاء بالنورة.
الثامن: التمندل (استعمال المنديل بعد الوضوء) .
المبحث الأول:
هل أكل ما مسَّت النار من نواقض الوضوء.
لما كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينقلون كل ما سمعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحكون ما شاهدوا منه، فقد حفلت السيرة النبوية بحياته -صلى الله عليه وسلم- وهديه في كل الأمور، العبادات والمعاملات والأخلاق وغيرها، كل ذلك ينقل بدقة وحرص شديد.
ومما لا ريب فيه أنت الله شرع أموراً ثم نسخها وورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحكام ثم غيرها، وورد عنه إطلاق ثم تقييد، وإجمال ثم تفصيل.