2- ذهب المالكية إلى أنه على المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة، وذلك استحبابا لا إيجابا. كما ذكره ابن رشد عن المالكية، وذكر مذاهب العلماء في هذه المسألة، وجعل سبب الخلاف هو اختلاف الأحاديث فقال: "في المسألة بالجملة أربعة أقوال: قول إنه ليس عليها إلا طهر واحد فقط عند انقطاع دم الحيض، وقول: إن عليها الطهر لكل صلاة.
وقول إن عليها ثلاثة أطهار في اليوم والليلة، وقول إن عليها طهرا واحدا في اليوم والليلة.
والسبب في اختلافهم في هذه المسألة: هو اختلاف ظواهر الأحاديث الواردة في ذلك، وذلك أن الوارد في ذلك من الأحاديث المشهورة أربعة أحاديث: واحد منها متفق على صحته، وثلاثة مختلف فيها ... "وذكر أالأحاديث في ذلك على ما تقدم ثم ذكر وجه الجمع بين الأحاديث قال:
"وأما الذين ذهبوا مذهب الجمع، فقالوا: إن حديث فاطمة ابنة أبي حبيش محمول على التي تعرف أيام الحيض من أيام الاستحاضة، وحديث أم حبيبة محمول على التي لا تعرف ذلك، فأمرت بالطهر في كل وقت احتياطا للصلاة، وذلك أن هذه إذا قامت إلى الصلاة يحتمل أن تكون طهرت، فيجب عليها تغتسل لكل صلاة.
وأما حديث أسماء ابنة عميس فمحمول على التي لا يتميز لها أيام الحيض من أيام الاستحاضة، إلا أنه قد ينقطع عنها في أوقات، فهذه إذا انقطع عنها الدم وجب عليها أن تغتسل، وتصلي بذلك الغسل صلاتين، وهنا قوم ذهبوا مذهب التخيير بين حديثي أم حبيبة وأسماء واحتجوا لذلك بحديث حمنة بنت جحش وفيه: "أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خيرها"، وهؤلاء منهم من قال: إن المخيرة هي التي لا تعرف أيام حيضتها، ومنهم من قال: بل هي المستحاضة على الإطلاق عارفة كانت أو غير عارفة، وهذا هو قول خامس في المسألة، إلا أن الذي في حديث حمنة ابنة جحش إنما هو التخيير بين أن تصلي الصلوات كلها بطهر واحد، وبين أن تتطهر في اليوم والليلة ثلاث مرات.