وذهبوا في ذلك إلى حديث عائشة أن امرأة استحيضت على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأمرت أن تعجل العصر وتؤخر الظهر، وتغتسل لهما غسلا..الحديث، قالوا: فبهذا نأخذ وهو أولى من الآثار الأول التي فيها ذكر الأمر بالغسل لكل صلاة، ولأنه قد روى ما يدل على أن هذا ناسخ لذلك، فذكروا حديث عائشة بسنده قالت: إنما هي سهلة ابنة سهيل بن عمرو، استحيضت وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمرها بالغسل عند كل صلاة، فلما أجهدها ذلك أمرها أن تجمع الظهر والعصر في غسل واحد والمغرب والعشاء في غسل واحد، وتغتسل للصبح. (?)

قالوا: فدل ذلك على أن هذا الحكم ناسخ للحكم الذي في الآثار الأول، لأنه إنما أمر به بعد ذلك، فصار القول به أولى من القول بالآثار الأول.

قالوا وقد روى ذلك أيضا عن علي وابن عباس –رضي الله عنهما-، وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: تدع المستحاضة الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي.

واحتجوا بحديث فاطمة بنت أبي حبيش.

قالوا: وقد روي ذلك أيضا عن علي–رضي الله عنه- مثل ذلك.

قال الطحاوي (?) :

"فأردنا أن ننظر في ذلك –أي تعارض هذه الأحاديث- لنعلم ما الذي ينبغي أن يعمل به من ذلك؟.

فكان ما روى عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه أمر أم حبيبة -رضي الله عنها- بنت جحش بالغسل عند كل صلاة. فقد ثبت نسخ ذلك بما قد رويناه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أمر سهلة بنت سهيل فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان أمرها بالغسل لكل صلاة, فلما أجهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل وبين المغرب والعشاء بغسل وتغتسل للصبح غسلا.

فكان ما أمرها به من ذلك ناسخا لما كان أمرها به قبل ذلك من الغسل لكل صلاة."

طور بواسطة نورين ميديا © 2015