فهذه معان مختلفة، وتختلف باختلافها الأحكام، ولذا تناولها العلماء بالبحث، فكان لهم فيها أقوال بينوا بها كيف يمكن أن يدرأ هذا الاختلاف عن هذه الأحاديث.
أقوال العلماء في درء التعارض:
1- ذهب الحنفية إلى أن المستحاضة يجب عليها الوضوء لوقت كل صلاة، وقد درأ الطحاوي –رحمه الله- التعارض بين هذه الأحاديث، في كتابه الكبير شرح معاني الآثار، فذكر حديث عائشة –رضي الله عنها- عن أم حبيبة، وفيه "فأمرها رسول الله –صلى الله عليه وسلم بالغسل لكل صلاة" ثم قال: "فذهب قوم إلى أن المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل لكل صلاة، واحتجوا في ذلك بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المروي في هذه الآثار، وبفعل أم حبيبة -رضي الله عنها- بنت جحش على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما نقلته عائشة –رضي الله عنها- بقولها "فكانت أم حبيبة –رضي الله عنها- تغتسل لكل صلاة"، وكذا قال علي وابن عباس –رضي الله عنهما- من بعد رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وأفتيا به.
فجعل أهل هذه المقالة على المستحاضة أن تغتسل لكل صلاة.
وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: الذي يجب عليها أن تغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا تصلي به الظهر في آخر وقتها والعصر في أول وقتها، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلا واحدا تصليهما به، فتؤخر الأولى منهما وتقدم الآخرة، كما فعلت في الظهر والعصر وتغتسل للصبح غسلا.