بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ.
يَدُلُّ بِظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا لَا يَعْبُدُونَ اللَّهَ أَبَدًا مَعَ أَنَّهُ دَلَّتْ آيَاتٌ أُخَرُ عَلَى أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ: وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ الْآيَةَ [29 \ 47] .
وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ خِطَابٌ لِجِنْسِ الْكُفَّارِ وَإِنْ أَسْلَمُوا فِيمَا بَعْدُ فَهُوَ خِطَابٌ لَهُمْ مَا دَامُوا كُفَّارًا، فَإِذَا أَسْلَمُوا لَمْ يَتَنَاوَلْهُمْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُمْ حِينَئِذٍ مُؤْمِنُونَ لَا كَافِرُونَ وَإِنْ كَانُوا مُنَافِقِينَ فَهُمْ كَافِرُونَ فِي الْبَاطِنِ فَيَتَنَاوَلُهُمُ الْخِطَابُ، وَاخْتَارَ هَذَا الْوَجْهَ أَبُو الْعَبَّاسِ ابْنُ تَيْمِيَةَ.
الثَّانِي: هُوَ أَنَّ الْآيَةَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ وَعَلَيْهِ فَهِيَ فِي خُصُوصِ الْأَشْقِيَاءِ الْمُشَارِ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْآيَةَ [10 \ 96] ، كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ مِرَارًا.