بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الْآيَةَ.
هَذِهِ الْآيَةُ يَتَوَهَّمُ مِنْهَا الْجَاهِلُ أَنَّ اللَّهَ تَوَعَّدَ الْمُصَلِّينَ بِالْوَيْلِ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَةٍ أُخْرَى أَنَّ عَدَمَ الصَّلَاةِ مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ سَقَرَ، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [74 \ 42 - 43] .
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ، وَهُوَ أَنَّ التَّوَعُّدَ بِالْوَيْلِ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ: الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ الْآيَةَ [107 \ 5 - 6] ، وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ عَلَى التَّحْقِيقِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَا هَذَا الْجَوَابَ مَعَ ضَعْفِ الْإِشْكَالِ؛ وَظُهُورِ الْجَوَابِ عَنْهُ لِأَنَّ الزَّنَادِقَةَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ يَحْتَجُّونَ لِتَرْكِ الصَّلَاةِ بِهَذِهِ الْآيَةِ.
وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِظَالِمٍ تَارِكٍ لِلصَّلَاةِ: مَا لَكَ لَا تُصَلِّي؟ فَقَالَ لِأَنَّ اللَّهَ تَوَعَّدَ عَلَى الصَّلَاةِ بِالْوَيْلِ فِي قَوْلِهِ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ، فَقَالَ لَهُ: اقْرَأْ بَعْدَهَا، فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيمَا بَعْدَهَا فِيهَا كِفَايَةٌ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
دَعِ الْمَسَاجِدَ لِلْعِبَادِ تَسْكُنُهَا ... وَسِرْ إِلَى حَانَةِ الْخَمَّارِ يَسْقِينَا
مَا قَالَ رَبُّكَ وَيْلٌ لِلْأُولَى سَكِرُوا ... وَإِنَّمَا قَالَ وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَا
فَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى تَوَعَّدَ بِالْوَيْلِ الْمُصَلِّي الَّذِي هُوَ سَاهٍ عَنْ صَلَاتِهِ وَيُرَائِي فِيهَا، فَكَيْفَ بِالَّذِي لَا يُصَلِّي أَصْلًا، فَالْوَيْلُ كُلُّ الْوَيْلِ لَهُ وَعَلَيْهِ لِعَائِنُ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا لَمْ يَتُبْ.