مَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَ مَالِكٍ فِيهِ قَوْلَانِ؟ تُؤُوِّلَتِ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِلَاهُمَا مُرَجَّحٌ.

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْجِمَاعِ فَقَطْ.

الثَّانِي: أَنَّهُ الْعَزْمُ عَلَى الْجِمَاعِ وَإِمْسَاكِ الزَّوْجَةِ مَعًا، وَعَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعْزِمُونَ عَلَى الْجِمَاعِ، أَوْ عَلَيْهِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْعَزْمِ عَلَى الْجِمَاعِ أَوْ عَلَيْهِ مَعَ الْإِمْسَاكِ، وَبَيْنَ الْإِعْتَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ.

وَغَايَةُ مَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حَذْفُ الْإِرَادَةِ وَهُوَ وَاقِعٌ فِي الْقُرْءَانِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ [5 \ 6] ، أَيْ أَرَدْتُمُ الْقِيَامَ إِلَيْهَا.

وَقَوْلِهِ: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ [16 \ 98] ، أَيْ أَرَدْتَ قِرَاءَتَهُ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ الْآيَةَ [16 98] .

وَمَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنْ يُمْسِكَهَا بَعْدَ الْمُظَاهَرَةِ زَمَانًا يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَ فِيهِ فَلَا يُطَلِّقُ، وَعَلَيْهِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ أَيْضًا، لِأَنَّ إِمْسَاكَهُ إِيَّاهَا الزَّمَنَ الْمَذْكُورَ لَا يُنَافِي التَّكْفِيرَ قَبْلَ الْمَسِيسِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ.

وَمَعْنَى الْعَوْدِ عِنْدَ أَحْمَدَ هُوَ أَنْ يَعُودَ إِلَى الْجِمَاعِ أَوْ يَعْزِمَ عَلَيْهِ، أَمَّا الْعَزْمُ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا إِشْكَالَ فِي الْآيَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ.

وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ الْجِمَاعُ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ إِنْ ظَاهَرَ وَجَامَعَ قَبْلَ التَّكْفِيرِ يَلْزَمُهُ الْكَفُّ عَنِ الْمَسِيسِ مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى يُكَفِّرَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا جَوَازُ الْجِمَاعِ الْأَوَّلِ قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِأَنَّ الْآيَةَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، إِنَّمَا بَيَّنَتْ حُكْمَ مَا إِذَا وَقَعَ الْجِمَاعُ قَبْلَ التَّكْفِيرِ وَأَنَّهُ وُجُوبُ التَّكْفِيرِ قَبْلَ مَسِيسٍ آخَرَ.

أَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى الْمَسِيسِ الْأَوَّلِ فَحُرْمَتُهُ مَعْلُومَةٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015