بِأَرِيكَيْنِ يُخْفِيَانِ غَمِيرًا
أَيْ يُظْهِرَانِهِ. وَقَوْلُ امْرِئِ الْقَيْسِ:
خَفَاهُنَّ مِنْ إِنْفَاقِهِنَّ كَأَنَّمَا ... خَفَاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشِيٍّ مُجَلَّبِ
الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ خَبَرَ كَادَ مَحْذُوفٌ، وَالْمَعْنَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُظْهِرُهَا، فَحَذَفَ الْخَبَرَ ثُمَّ ابْتَدَأَ الْكَلَامَ بِقَوْلِهِ: أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى [20 \ 15] ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ قَوْلُ ضَابِئِ بْنِ الْحَارِثِ الْبُرْجُمِيِّ:
هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ وَكِدْتُ وَلَيْتَنِي ... تَرَكَتْ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلَائِلُهْ
يَعْنِي: وَكِدْتُ أَفْعَلُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ كَادَ تَأْتِي بِمَعْنَى أَرَادَ، وَعَلَيْهِ فَمَعْنَى: أَكَادُ أُخْفِيهَا أُرِيدُ أَنَّ أُخْفِيَهَا، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ الْأَخْفَشُ وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَأَبُو مُسْلِمٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمُ الْأَلُوسِيُّ وَغَيْرُهُ.
قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي الْمُحْتَسَبِ، وَمِنْ مَجِيءٍ كَادَ بِمَعْنَى أَرَادَ، قَوْلُ الشَّاعِرِ:
كَادَتْ وَكِدْتُ وَتِلْكَ خَيْرُ إِرَادَةٍ ... لَوْ عَادَ مِنْ لَهْوِ الصَّبَابَةِ مَا مَضَى
كَمَا نَقَلَهُ الْأَلُوسِيُّ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ مِنْ مَجِيءٍ كَادَ بِمَعْنَى أَرَادَ قَوْلَهُ تَعَالَى كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ [12] ، أَيْ أَرَدْنَا لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّيْسَابُورِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَا أَكَادُ أَيْ لَا أُرِيدُ كَمَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ كَادَ مِنَ اللَّهِ تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ عَسَى فِي كَلَامِهِ تَعَالَى نَحْوَ: قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا [17 \ 51] ، أَيْ هُوَ قَرِيبٌ.
وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى: أَكَادُ أُخْفِيهَا أَنَا أُخْفِيهَا.