بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

سُورَةُ يُوسُفَ

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ الْآيَةَ.

هَذِهِ الْآيَةُ يَدُلُّ ظَاهِرُهَا عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْأَنْبِيَاءِ رُبَّمَا بُعِثَ مِنَ الْبَادِيَةِ، وَقَدْ جَاءَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى [12 \ 109] .

وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا أَنَّ يَعْقُوبَ نُبِّئَ مِنَ الْحَضَرِ، ثُمَّ انْتَقَلَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى الْبَادِيَةِ.

وَمِنْهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَدْوِ نُزُولُ مَوْضِعٍ اسْمُهُ بَدَا، هُوَ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِ جَمِيلٍ أَوْ كُثَيِّرٍ:

وَأَنْتَ الَّذِي حَبَّبْتَ شَغْبًا إِلَى بَدَا ... إِلَيَّ وَأَوْطَانِي بِلَادٌ سِوَاهُمَا

حَلَلْتُ بِهَذَا مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً ... بِهَذَا فَطَابَ الْوَادِيَانِ كِلَاهُمَا

وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ.

وَمِنْهَا أَنَّ الْبَدْوَ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ مُسْتَنِدٌ لِلْحَضَرِ، فَهُوَ فِي حُكْمِهِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015